النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قُلۡ يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۗ وَأَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٌۗ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (10)

قوله عز وجل : { للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنةٌ } فيه وجهان :

أحدهما : [ معناه ] : للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة في الآخرة ، وهي الجنة .

الثاني : للذين أحسنوا في الدنيا حسنة في الدنيا فيكون ذلك زائداً على ثواب الآخرة .

وفيما أريد بالحسنة التي لهم في الدنيا أربعة أوجه :

أحدها : العافية والصحة ، قاله السدي .

الثاني : ما رزقهم الله من خير الدنيا ، قاله يحيى بن سلام .

الثالث : ما أعطاهم من طاعته في الدنيا وجنته في الآخرة ، قاله الحسن .

الرابع : الظفر والغنائم ، حكاه النقاش .

ويحتمل خامساً : إن الحسنة في الدنيا الثناء وفي الآخرة الجزاء .

{ وأرض الله واسعة } فيها قولان :

أحدهما : أرض الجنة رغبهم في سعتها ، حكاه ابن عيسى .

الثاني : هي أرض الهجرة ، قاله عطاء .

ويحتمل ثالثاً : أن يريد بسعة الأرض سعة الرزق لأنه يرزقهم من الأرض فيكون معناه : ورزق الله واسع ، وهو أشبه لأنه أخرج سعتها مخرج الامتنان بها .

{ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } فيه أربعة أوجه :

أحدها : يعني بغير مَنٍّ عليهم ولا متابعة ، قاله السدي .

الثاني : لا يحسب لهم ثواب عملهم فقط ولكن يزادون على ذلك ، قاله ابن جريح .

الثالث : لا يعطونه مقدراً لكن جزافاً .

الرابع : واسعاً بغير تضييق قال الراجز :

يا هند سقاك بلا حسابه *** سقيا مليك حسن الربابه

وحكي عن علي كرم الله وجهه قال : كل أجر يكال كيلاً ويوزن وزناً إلا أجر الصابرين فإنه يحثى حثواً .