التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَيَوۡمَ يُعۡرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذۡهَبۡتُمۡ طَيِّبَٰتِكُمۡ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنۡيَا وَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهَا فَٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَسۡتَكۡبِرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَبِمَا كُنتُمۡ تَفۡسُقُونَ} (20)

قوله : { ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا } يوم ، ظرف منصوب بفعل محذوف ، أي اذكر لهم يا محمد يوم يكشف الغطاء عن جهنم ثم يقرّبون منها وينظرون إليها وهي تتلظى وتضطرم من فرط الاستعار والتأجج . لا جرم أن هذا مشهد مخوف رعيب تطير من هوله القلوب وتتزلزل من فظاعته الأبدان . وحينئذ يقال للظالمين الخاسرين : { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا } الاستفهام بالهمز للتقريع والتوبيخ ، والمراد بالطيبات ما كانوا فيه من اللذات وطيب المعايش في الدنيا . يعني : اتبعتم الشهوات واللذات وعصيتم أمر ربكم ولم تعبأوا بدينه واليوم الآخر . فكل ما قدر لكم من الطيبات والراحات قد استوفيتموه في الدنيا وأخذتموه فلم يبق لكم بعد ذلك شيء من الحظ في الخير والطيبات . وعن عمر رضي الله عنه قال : لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وأحسنكم لباسا ولكني أستبقي طيباتي .

قوله : { فاليوم تجزون عذاب الهون } { الهون } بضم الهاء ومعناه الهوان ، أي المهانة . استهان به أي استحقره{[4212]} ، يعني : اليوم جزاؤكم العذاب والمهانة والخزي { بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق } يعني سبب عذابكم وخسرانكم وما أنتم فيه الهوان هو استكباركم في دنياكم عن عبادة الله والإذعان لجلاله العظيم { وبما كنتم تفسقون } أي بسبب عصيانكم أمر ربكم وخروجكم عن طاعته{[4213]} .


[4212]:مختار الصحاح ص 702.
[4213]:تفسير الرازي جـ 28 ص 22 – 25 وفتح القدير جـ 4 ص 21 وأحكام القرآن لابن العربي جـ 4 ص 1686 وتفسير القرطبي جـ 16 ص 201.