تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَيَوۡمَ يُعۡرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذۡهَبۡتُمۡ طَيِّبَٰتِكُمۡ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنۡيَا وَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهَا فَٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَسۡتَكۡبِرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَبِمَا كُنتُمۡ تَفۡسُقُونَ} (20)

الآية 20 وقوله تعالى : { ويوم يُعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم } كقوله{[19328]} تعالى في آية أخرى : { ويوم يُعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق } [ الأحقاف : 34 ] وقوله{[19329]} تعالى في آية أخرى : { وسيق الذين كفروا إلى جهنم زُمرًا } [ الزمر : 71 ] ونحوها{[19330]} .

يذكّرهم بهذه الآيات وأمثالها ليعرفوا ما كان منهم ، وما استوجبوا من العقوبات إنما استوجبوا بما كان منهم في الدنيا من التكذيب والاستهزاء بآياته لينزجروا عن ذلك .

ثم قوله تعالى : { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها } يخرّج على وجهين :

أحدهما : { أذهبتم طيباتكم } التي أعطيتموها في منافعكم ، وأتلفتموها ، ولم تؤدّوا شكرها ، ولم تقوموا بوفاءها ، والله أعلم .

والثاني : { أذهبتم طيّباتكم في حياتكم الدنيا } أي أتلفتموها ، ولم تكتسبوها بالطيبات الموعودة في الآخرة والنِّعم الدائمة .

فكل ما أعطى في هذه الدنيا من الأموال{[19331]} إنما أعطى ليستعينوا بها على عمل الآخرة ، وليتزوّدوا لها ، ويجعلوها زادا للآخرة .

فأما إذا جعلوها في غير ذلك فهو إتلاف وجعل في غير ما جُعل ؛ وذلك وبال عليهم وحسرة ، وهو ما قال الله تعالى : { وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو } [ الأنعام : 32 ] وكذا ذكر : { مثل ما يُنفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صِرّ } [ آل عمران : 117 ] فكل نفقة كانت في غير ما ذكر من الاستعانة على زاد الآخرة والتزوّد لها فهو للحياة الدنيا ، وهو لعب ولهو ، وهو ما ذكر من الريح { فيها صرّ } والله أعلم .

وقوله تعالى : { فاليوم تُجزون عذاب الهون } أي عذابا تهانون فيه ، ويُهينكم ذلك العذاب .

وقوله تعالى : { بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق } يحتمل استكبارهم الذي ذكر على الرسل [ استكبروا على الرسل ]{[19332]} فتركوا اتباعهم ، فاستكبروا على آياته .

وقوله تعالى : { وبما كنتم تفسُقون } والفسق هو الخروج عن أمر الله تعالى .


[19328]:في الأصل وم: وقال.
[19329]:في الأصل وم: وقال.
[19330]:في الأصل وم: ونحوهما.
[19331]:من م، في الأصل: الأعمال.
[19332]:من م، ساقطة من الأصل.