الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَيَوۡمَ يُعۡرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذۡهَبۡتُمۡ طَيِّبَٰتِكُمۡ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنۡيَا وَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهَا فَٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَسۡتَكۡبِرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَبِمَا كُنتُمۡ تَفۡسُقُونَ} (20)

قوله : { وَيَوْمَ يُعْرَضُ } : اليومَ منصوبٌ بقولٍ مقدرٍ أي : يُقال لهم : أَذْهَبْتُمْ في يومِ عَرْضِهم . وجَعَل الزمخشريُّ هذا مثل " عَرَضْتُ الناقةَ على الحوضِ " فيكونُ قَلْباً . ورَدَّه الشيخُ : بأنه ضرورةٌ . وأيضاً العَرْضُ أمرٌ نسبيٌّ فتصِحُّ نسبتُه إلى الناقةِ وإلى الحوضِ . وقد تقدَّم الكلامُ في القلبِ ، وأنَّ فيه ثلاثةَ مذاهبَ .

قوله : " أَذْهَبْتُم " قرأ ابن كثير " أَأَذْهَبْتُمْ " بهمزتَيْن : الأولى مخففةٌ ، والثانيةُ مُسَهَّلَةٌ بينَ بينَ ، ولم يُدْخِلْ بينهما ألفاً ، وهذا على قاعدتِه في { أَأَنذَرْتَهُمْ }

[ البقرة : 6 ] ونحوِه . وابنُ عامرٍ قرأ أيضاً بهمزتَيْن ، لكن اختلفَ راوياه عنه : فهشام سَهَّل الثانيةَ وخَفَّفَها ، وأدخل ألفاً في الوجهيْن ، وليس على أصلِه فإنه من أهلِ التحقيق . وابنُ ذكوان بالتحقيقِ فقط دونَ إدخالِ ألفٍ . والباقون بهمزةٍ واحدةٍ فيكونُ : إمَّا خبراً ، وإمَّا استفهاماً ، فأُسْقِطَتْ أداتُه للدلالةِ عليها ، والاستفهامُ معناه التقريعُ والتوبيخُ .

قوله : " في حياتِكم " يجوزُ تَعَلُّقُه ب " أَذْهَبْتُمْ " ويجوزُ تعلُّقُه بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ مِنْ " طيباتكم " .