بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَيَوۡمَ يُعۡرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذۡهَبۡتُمۡ طَيِّبَٰتِكُمۡ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنۡيَا وَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهَا فَٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَسۡتَكۡبِرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَبِمَا كُنتُمۡ تَفۡسُقُونَ} (20)

قوله تعالى : { وَيَوْمَ يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ عَلَى النار } يعني : يكشف الغطاء عنها ، فينظرون إليها ، فيقال لهم : { أَذْهَبْتُمْ طيباتكم } يعني : أكلتم حسناتكم { في حياتكم الدنيا واستمتعتم بِهَا } يعني : انتفعتم بها في الدنيا . وقرأ ابن عامر أَأَذْهَبْتُمْ بهمزتين ، وقرأ ابن كثير آذْهَبْتُمْ بالمد ، ومعناهما واحد ، ويكون استفهاماً على وجه التوبيخ . والباقون أَذْهَبْتُمْ بهمزة واحدة ، بغير مد ، على معنى الخبر . وروي عن عمر : أنه اشتهى شراباً ، فأتي بقدح فيه عسل ، فأدار القدح في يده قال : أشربها فتذهب حلاوتها ، أو تبقى نقمتها . ثم ناول القدح رجلاً ، فسئل عن ذلك فقال : خشيت أن أكون من أهل هذه الآية { أَذْهَبْتُمْ طيباتكم في حياتكم الدنيا } .

وروي عن عمر ، أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حصير ، وقد أثر بجنبه الشريط ، فبكى عمر فقال : " ما يبكيك يا عمر " ؟ فقال : ذكرت كسرى وقيصر ، وما كانا فيه من الدنيا ، وأنت رسول رب العالمين قد أثر بجنبك الشريط . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «أُوْلَئِكَ قَوْمٌ ، عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي حَيَاتِهِم الدُّنْيا ، وَنَحْنُ قَوْمٌ ، أُخِّرَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي الآخِرَةِ » . قوله : { فاليوم تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهون } يعني : العذاب الشديد { بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ في الأرض بِغَيْرِ الحق } يعني : تستكبرون عن الإيمان { وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ } يعني : تعصون الله تعالى .