الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَيَوۡمَ يُعۡرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذۡهَبۡتُمۡ طَيِّبَٰتِكُمۡ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنۡيَا وَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهَا فَٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَسۡتَكۡبِرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَبِمَا كُنتُمۡ تَفۡسُقُونَ} (20)

ثم قال : { ويوم يعرض الذين كفروا على النار } [ 19 ] .

أي : واذكر يا محمد يوم يعرض الذين{[63054]} كفروا على نار جهنم .

وقيل العامل في " يوم " فعل مضمر بعده{[63055]} ، والتقدير ويوم يعرض الذين كفروا على النار يقال لهم : { أذهبتم طيباتكم }{[63056]} ، فيقال هو العامل في " يوم " والمعنى : يقال لهم أذهبتم طيباتكم في الدنيا وتطلبون النجاة اليوم{[63057]} .

( وذكر بعض{[63058]} العلماء معناه : أذهبتم طيباتكم في الدنيا لأنفسكم ، ولم تعطوا منها الحاجة ، وتؤثروا أهل الفقر لوجه الله عز وجل .

وأكل الطيبات من المطاعم حلال إذا طاب أصلها ، يقول الله جل ذكره : { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم }{[63059]} وقال : { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون }{[63060]} فأخبرنا أن الطيبات من الرزق مباحة للمؤمنين في الدنيا ، وأنها خالصة لهم يوم القيامة في الآخرة إذ يشاركهم فيها في الدنيا الكفار ، فلا شيء فيها للكفار في الآخرة ){[63061]} .

ويروى أن عمر رضي الله عنه{[63062]} رأى جابر بن عبد الله{[63063]} ومعه إنسان يحمل عنه{[63064]} شيئا فقال{[63065]} : " ما هذا ؟ قال : لحم اشتريته بدرهم فقال : أو كلما{[63066]} قدم أحدكم اشترى{[63067]} لحما بدرهم والله لو شئت أن أكون أطيبكم طعاما ، وأينعكم{[63068]} ثوبا لفعلت ، ولكن الله يقول : { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا } فأنا أترك طيباتي{[63069]} " {[63070]} .

وروى قتادة عن أبي هريرة أنه قال : " إنما كان طعامنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم الأسودين : الماء والتمر ، والله ما كنا نرى{[63071]} سراءكم هذه/ولا ندري{[63072]} ما هي " {[63073]} .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه{[63074]} دخل على أهل الصفة ، وهو مكان يجتمع فيه فقراء المسلمين{[63075]} وهو يرقعون ثيابهم بالأدم ما يجدون لها رقاعا فقال : أنتم غير{[63076]} من يغدوا أحدهم{[63077]} في حلة ويروح في أخرى ، ويغدا عليه بتحفة ويراح عليه بأخرى ويستر{[63078]} بيته كما تستر الكعبة ، قالوا نحن يومئذ خير قال{[63079]} : بل أنتم اليوم خير{[63080]} " .

ثم قال : { فاليوم تجزون عذاب الهون{[63081]} بما كنتم تستكبرون{[63082]} في الأرض بغير الحق } .

أي : بتكبركم في الدنيا على ربكم/ومخالفتكم أمره ونهيه بغير ما أباح لكم وبفسقكم .


[63054]:في ع: "الكفار".
[63055]:في ع: "هذه": وهو تحريف.
[63056]:ساقط من ع.
[63057]:انظر: مشكل إعراب القرآن 670، والبيان في غريب إعراب القرآن لابن الأنباري 2/373، والتبيان في إعراب القرآن 2/1157.
[63058]:في ع: سقط من: "وذكر بعض العلماء ... إلى الكفار في الآخرة".
[63059]:المائدة: 89.
[63060]:الأعراف : 30.
[63061]:ساقط من ع.
[63062]:ساقط من ع.
[63063]:ع: "راء": وهو خطأ.
[63064]:جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الخزرجي الأنصاري السلمي صحابي غزا تسع عشرة غزوة، وكانت له في أواخر أيامه حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم، روى له البخاري ومسلم وغيرهما 1450 حديثا توفي 78 هـ.
[63065]:ع: فقال له ما هذا".
[63066]:ع : "كلها": وهو تحريف.
[63067]:ع: "واشترا": وهو خطأ.
[63068]:ع: "الينكم".
[63069]:ع: "طيبات".
[63070]:انظر: أحكام ابن العربي 4/1698، وتفسير الخازن 6/163.
[63071]:ح: "ما كان سمراؤكم".
[63072]:انظر: جامع البيان 6/163.
[63073]:وجاء في الصحاح للجوهري 2/288: "السمراء: الحنطة، والأسمران، الماء والبر، ويقال الماء والروح، والسمرة بضم الميم، من شجر الطلح، والجمع سمر وسمرات بالضم وأسمر في أدنى العدد".
[63074]:ساقط من ع.
[63075]:ح: "المسلمون": وهو خطأ.
[63076]:ح: "خيرا": وهو خطأ.
[63077]:ح: "واحدهم".
[63078]:ح: "وليستر".
[63079]:ع: "قالوا" وهو تحريف.
[63080]:أخرجه الترمذي في أبواب صفة القيامة رقم 2594 – 4/61 قال: "حدثنا هناد، أخبرنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق، قال حدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرطبي، قال حدثني من سمع علي بن أبي طالب يقول: إنا لجلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ طلع علينا مصعب بن عمير ما عليه إلا بردة له مرقوعة بفرو، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى للذي كان فيه من النعمة والذي هو فيه اليوم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف بكم إذا غدا أحدكم في حلة وراح في حلة، ووضعت بين يديه صفحة ورفعت أخرى وسترتم بيوتكم كما تستر الكعبة، قالوا: يا رسول الله نحن يومئذ خير من اليوم نتفرغ للعبادة، ونكفى المؤونة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أنتم اليوم خير من يومئذ". والطبري في جامع البيان 26/14.
[63081]:ع: "أي الهوان".
[63082]:ح: "تكسبون" وهو تحريف.