التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَكَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفۡسَ بِٱلنَّفۡسِ وَٱلۡعَيۡنَ بِٱلۡعَيۡنِ وَٱلۡأَنفَ بِٱلۡأَنفِ وَٱلۡأُذُنَ بِٱلۡأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلۡجُرُوحَ قِصَاصٞۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِۦ فَهُوَ كَفَّارَةٞ لَّهُۥۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (45)

قوله تعالى : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } .

فرض الله على بني إسرائيل في التوراة أن يسووا في النفس والنفس ، لكنهم خالفوا ذلك عمدا وعنادا فغيروه وبدلوه ففضلوا بني النضير على بني قريظة ، وخصصوا إيجاب القود على بني قريظة دون بني النضير ، فكانوا لا يقيدون القرظي من النضري بل يعدلون إلى الدية ، مثلما خالفوا حكم التوراة المنصوص عندهم في رجم الزاني المحصن ، إذ عدلوا عنه إلى الجلد والتحميم والإشهار . من أجل ذلك جاء قوله { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } توبيخا لهم وتقريعا ، لكونهم يخالفون ما كتبه الله عليهم في التوراة .

وقد اختلف العلماء في شرع من قبلنا هل هو شرع لنا ؟

وثمة قولان في هذه المسألة :

القول الأول : إننا متعبدون بشرع من قبلنا ما لم يظهر ما ينسخه . وقد ذهب إلى ذلك أكثر الحنفية وبعض الشافعية ، أحمد في إحدى الروايتين عنه . وقالت به طائفة من المتكلمين . وهو قول الفقهاء . واختاره الرازي وابن الحاجب . وقال به معظم المالكية{[979]} .

واحتجوا في ذلك بعدة أدلة منها قوله تعالى : { إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا } والنبي صلى الله عليه وسلم من جملة النبيين فوجب في حقه الحكم بها .

وكذلك قوله تعالى : { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } فقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أنه يقتدي بهدي من سبقه من النبيين . وشرعهم من هداهم فوجب عليه اتباعه .

ومنها قوله تعالى : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا } فدل على وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم لشريعة نوح ومنها قوله تعالى : { ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم } فقد أمر باتباع ملة إبراهيم والأمر للوجوب .

واحتجوا من السنة بأدلة منها ما أخرجه مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها " وتلا قوله تعالى : { وأقم الصلاة لذكري } وهذا خطاب مع موسى عليه السلام . ولو لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وأمته متعبدين بما كان موسى متعبدا به في دينه لما صح الاستدلال بالآية .

القول الثاني : إن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا . وهو قول المعتزلة والمتكلمين وأكثر الشافعية ، وأحمد في الرواية الثانية عنه ، واختاره الآمدي والغزالي . واستدلوا على ذلك بعدة أدلة منها : قوله تعالى : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } وهذا يدل على أن كل واحد من النبيين ينفرد بشرع لا يشاركه فيه غيره . وأجيب عن ذلك بأن مشاركتهم في بعض الأحكام لا يمنع من أن يكون لكل واحد منهم شرع يخالف شرع الآخر ، فمشاركتهم في التوحيد لا تمنع انفراد كل واحد منهم بشريعة تخالف شريعة غيره .

ومنها : ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأي عمر رضي الله عنه ومعه شيء من التوراة ينظر فيه فقال : " لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي " {[980]} وهذا يدل على نسخ ما تقدم .

وأجيب عن ذلك بأنه إنما نهي عن النظر في التوراة لما أصابها من تغيير وتبديل . لكن المراد هنا ما حكى الله عن دينهم في الكتاب أو ثبت عنهم بخبر الرسول صلى الله عليه وسلم{[981]} .

ومنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قاضيا له : " بم تحكم " ؟ قال : بكتاب الله . قال : " فإن لم تجد " قال : " بسنة رسول الله " قال " " فإن لم تجد " قال : " أجتهد رأيي . ولم يذكر شيئا من كتب الأنبياء الأولين وسننهم . وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وقال : " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحبه الله ورسوله " . ولو كانت الشرائع السابقة شرائع لنا لما جاز لمعاذ العدول إلى اجتهاد الرأي .

وأجيب عن ذلك بأن معاذا لم يتعرض لذكر التوراة والإنجيل اكتفاء منه بآيات في الكتاب الحكيم تدل على اتباعهما . ولأن اسم الكتاب يدخل تحته التوراة والإنجيل لكونهما من الكتب المنزلة{[982]} .

أما أحكام القصاص المختلفة في النفس فقد بيناها في تفسير سورة البقرة عند قوله : { كتب عليكم القصاص في القتلى } ولا داعي بعد ذلك للتكرار هنا . لكننا نعرض هنا للكلام عن القصاص في الأطراف أو فيما دون النفس وما يتفرع عن ذلك من أحكام . والأصل في ذلك قوله تعالى : { والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص } هذه تدل على جريان القصاص فيما ذكر إلا أن يعفو المجني عليه مطلقا أو على الدية . وذلكم بيان تفصيلي بأحكام الجناية على ما ذكر في الآية . على أننا نعرض لجملة شروط يجب تحققها كيما يجوز القصاص في الأطراف أو فيما دون النفس . وتلكم هي الشروط بإيجاز واقتضاب .

الشرط الأول : التكليف في حق الجاني . فإن كان غير مكلف فلا قصاص عليه . وكونه مكلفا أن يكون بالغا عاقلا .

الشرط الثاني : أن يكون الجاني غير أصل للمجني عليه ، كأن يكون أباه أو جده .

الشرط الثالث : العصمة . وهي أن يكون المجني عليه معصوما على التأييد . وبذلك لا يقطع المسلم بالحربي أو المستأمن لعدم العصمة المؤبدة .

الشرط الرابع : أن تكون الجناية عمدا عدوانا . فلا قصاص في الخطأ إجماعا .

وكذلك شبه العمد .

الشرط الخامس : أن يكون الاستيفاء ممكنا ومن غير حيف . وذلك بالمماثلة الكاملة دون نقص أو زيادة لقوله تعالى : { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } ويضاف إلى ذلك عدم السراية إلى النفس غالبا . وذلك ككسر العنق والترقوة والصلب والفخذ . فإن القصاص في مثل هذه الأعضاء لا تؤمن معه السراية إلى النفس غالبا{[983]} .

أما الأطراف فهي مفردها طرف بالفتح . ويعني في اللغة الناحية . وعند الفقهاء ما له حد ينتهي إليه من أعضاء الجسد{[984]} وذلك كاليد والرجل والسن والأذن والأصابع وغير ذلك مما ينتهي إلى حد كالمفصل . فإن كان كذلك جاز فيه القصاص لإمكان حصوله من غير حيف . أما إن كان مما لا ينتهي إلى حد فلا يجوز إيقاع القصاص فيه لعدم استيفاء القصاص في مماثلة تامة ومن غير حيف بما يحتمل معه حصول النقص أو الزيادة .

ويضاف إلى هذا الاشتراط الأساسي لإجراء القصاص في الأطراف شرطان آخران هما :

أولا : التساوي . أي أن يكون الطرف في المجني عليه مساويا لنظيره في الجاني ، وبذلك لا يؤخذ طرف صحيح بطرف أشل . ولا يد كاملة الأصابع بناقصة الأصابع ، ولا تؤخذ أصبع أصلية بأخرى زائدة .

ثانيا : الاشتراك في الاسم الخاص بالعضو أو الطرف . فلا تؤخذ يمين بيسار . ولا يسار بيمين . وكذلك لا تؤخذ أصبع بأخرى مخافة لها ، كالخنصر بالسبابة ، أو البنصر بالوسطى . ولا تؤخذ شفة سفلى بشفة عليا ، ولا جفن أيمن بجفن أيسر ، أو أذن يمنى بأذن يسرى ، لأن كل واحد مما ذكر مختص باسم منفرد{[985]} .

إذا تبين ذلك ، نأخذ في الكلام عن الأطراف المذكورة في الآية وهي :

العين : وهي طرف من الأطراف التي تنتهي إلى مفصل فيجري فيها القصاص مع اعتبار الشرطين المذكورين آنفا وهما التساوي والاشتراك في الاسم . ولا ينبغي اعتبار صفة العين كالصغر والكبر ، أو الضعف والقوة ، أو الحسن والقبح ، فمثل هذه الصفات لا يؤثر في إجراء القصاص . وعلى هذا تؤخذ عين الشاب بعين الشيخ . أو العين السليمة بالعين المريضة . أو العين الحسنة بالعين القبيحة .

الأنف : يؤخذ الأنف قصاصا بالأنف من غير اعتبار للفرق في الصفة بين الأنفين ، كالصغر والكبر ، أو الحسن والقبح أو المنفعة وعدمها . فيقطع الأنف الأخشم بالأخشم{[986]} والأخشم بالشام لتساويهما في سلامة الصورة والمنظر ؟

أما القصاص في الأنف فإنما يكون في المارن ، لأنه ينتهي إلى مفصل . والمارن هو ما لان من لحم الأنف دون قصبته ، لأنه ينتهي بحد . وبذلك يقتص من مارن الجاني بمثله ويقدر ما قطع من الأنف بالأجزاء كالنصف والثلث والربع ، ولا يقدر القصاص بالمساحة .

الأذن : تقطع الأذن قصاصا في العمد ، لأنها تنتهي إلى حد فاصل ، وذلك بغض النظر عن اختلاف الأوصاف بين الآذان ، ولذلك تؤخذ الأذن الكبيرة بالأذن الصغيرة . وتؤخذ أذن السميع بأذن الأصم . وأذن الأصم بأذن السميع لتساويهما في السلامة من نقص الصورة والمنظر .

ولو قطع بعض الأذن كان للمجني عليه أن يقطع من أذن الجاني بقدر ما قطع من أذنه على أن يقدر ذلك بالأجزاء كالنصف والثلث والربع{[987]} .

السن : وهو الضرس وجمعه أسنان وأسنة . وهو مما يجري فيه القصاص وعلى هذا تؤخذ السن الصحيحة بالصحيحة . وتؤخذ المكسورة بالصحيحة . لكن لا تؤخذ الصحيحة بالمكسورة ، كيلا يأخذ المجني عليه أكثر من حقه . وتؤخذ السن الزائدة بالسن الزائدة إذا اتفق محلهما لكونهما متساويين .

ولو كسر بعض سن ، كان للمجني عليه أن يقتص من الجاني . وذلك أن يقدر المكسور بالأجزاء . فيؤخذ النصف بالنصف والثلث بالثلث وكل جزء بمثله . ولا يقدر ذلك بالمساحة ، لأن التقدير بها ربما يؤدي إلى أخذ جميع سن الجاني ببعض سن المجنى عليه{[988]} .

وقوله : { والجروح قصاص } قصاص مصدر يراد به المفعول : أي والجروح متقاصة بعضها ببعض . وذلك إجمال بعد تفصيل . والمراد إجراء القصاص في كل ما يمكن أن يقتص منه على أن تراعي الشروط في ذلك والتي بيناها سابقا . وعلى هذا يجب القصاص في كل ما ينتهي إلى حد أو مفصل من الأطراف أو أعضاء الجسد ، كالشفتين واليدين والقدمين والأنثيين والذكر .

ديات الأعضاء والمعاني

يراد بالأعضاء هنا أطراف البدن أو أجزاؤه التي تنتهي إلى مفاصل أو حدود والجناية على الواحد من هاتيك الأعضاء يستوجب دية كاملة أو دون ذلك ، على التفصيل في المسألة .

وكذلك الجناية على المعاني وهي منافع أعضاء البدن ، فإنها تستوجب الدية في مقابل كل معنى أو منفعة من منافع الجسد ، كالبصر والسمع الشم والذوق وغير ذلك من المعاني . على أن الضابط في ديات الأطراف ومعانيها هو أن كل ما في الإنسان منه شيء واحد ففيه الدية الكاملة . وذلك كاللسان والأنف والذكر . ففي كل واحد من هذه الأعضاء دية كاملة لانفراده في الإنسان .

وأما ما كان في الإنسان منه شيئان ففيهما كليهما الدية وفي كل واحد منهما نصف الدية . وذلك كالعينين والأذنين واليدين والقدمين .

وأما ما كان في الإنسان منه أربعة أشياء ففي الواحد منها ربع الدية وذلك كأجفان العينين ، وفيها مجتمعة الدية كاملة .

وأما ما كان في الإنسان منه عشرة أشياء ففي الواحد منها عشر الدية وفيها مجتمعة الدية كاملة . وذلك كأصبع اليدين والرجلين .

وكذلك منافع أعضاء البدن فإن في إتلاف المنفعة الواحدة الدية كاملة . وذلك كإذهاب السمع أو البصر أو الشم أو العقل أو غير ذلك من المنافع{[989]} .

إلى غير ذلك من الأحكام في الجناية على النفس وما دونها من الأطراف سواء في ذلك القصاص أو الديات . والتفصيل بأكثر من ذلك في هذه المسائل يراجع في مظانه من كتب الفقه .

قوله : { فمن تصدق به فهو كفارة له } أي أن المجني عليه المستحق للقصاص إن تصدق بالقصاص بأن عفا عن الجاني ، فإن ذلك كفارة للمتصدق ، إذ يكفر الله عنه بتصدقه ذنوبه .

وقيل : إنه كفالة للجارح فلا يؤاخذ بجنايته في الآخرة ، لأن العفو يقوم مقام أخذ الحق منه . والأول هو الراجح ، وهو قول أكثر العلماء{[990]} .

ووجه الضعف في القول الثاني أن أمور الآخرة من الثواب والعقاب ، أو العفو والمؤاخذة ، منوط كل ذلك بتحقق النية في التوبة من الجاني أو غيره . فما لم يتب الجاني المتعمد أو يعتوره الندم فأنى له التوبة من الله ما دام غير عابئ ولا مكترث ولا متمعر{[991]} .

قوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } اسم الإشارة في محل رفع مبتدأ . هم ، ضمير الفصل . الظالمون خبر الإشارة . وقيل : الضمير مبتدأ ثان وخبره الظالمون . والجملة في موضع رفع خبر الإشارة . الظلم معناه الشيء في غير موضعه . وفي المثل : من استرعى الذئب فقد ظلم{[992]} إذا تبين لنا ذلك علمنا أن تأويل الآية هو أن النكول عما فرضه الله من أحكام القصاص في القتل العمد أو الجروح ليستعاض عن ذلك بأحكام أخرى جائرة مخافة لشرع الله كقتل اثنين بواحد أو نحو ذلك فإن ذلك ظلم . أي وضع حكم الله في غير موضعه الصحيح الذي يليق به . أو هو وضع لرأي الإنسان القاصر في موضع أحكام الله .


[979]:- ارشاد الفحول للشوكاني ص 240 والإحكام للآمدي ج 3 ص 190 وإحكام الفصول للباجي ص 327 وكشف الأسرار للنسفي ج 2 ص 172.
[980]:- رواه أحمد وأبو يعلى.
[981]:- التبصرة في أصول الفقه للفيروزابادي ص 86 والمنخول للغزالي ص 31 والإحكام للآمدي ج 3 ص 192 والمعتمد في أصول الفقه لأبي الحسين البصري ج 2 ص 336.
[982]:- الإحكام للآمدي ج 3 ص 190 والتبصرة في أصول الفقه ص 287 والمنخول ص 232.
[983]:- الكافي ج 3 ص 20 والمغني ج 7 ص 703 والبدائع ج 7 ص 296 ومغني المحتاج ج 4 ص 26 وأسهل المدارك ج 3 ص 120.
[984]:- المصباح المنير ج 2 ص 18 ومغني المحتاج ج 4 ص 25.
[985]:- المغنى ج 7 ص 707 والمجموع ج 18 ص 409.
[986]:- الأخشم: الذي أصابه في أنفه داء فأفسده فصار لا يشم. انظر المصباح المنير ج 1 ص 182.
[987]:- البناية على الهداية ج 10 ص 59 وأسهل المدارك ج 3 ص 121 والمجموع ج 18 ص 406 والمغني ج 7 ص 712 والمدونة ج 4 ص 435 والنهاية للطوسي ص 772.
[988]:- المجموع ج 18 ص 415 وحاشية الخرشي على مختصر خليل ج 8 ص 21 والمغني ج 7ص 722.
[989]:- الكافي ج 3 ص 96 والأحكام السلطانية للماوردي ص 234 وتحفة الفقهاء ج 3 ص 158 ومختصر المزني ص 245 وحاشية الخرشي ج 8 ص 35.
[990]:- تفسير القرطبي ج 6 ص 208 وتفسير البيضاوي ص 151 وفتح القدير ج 2 ص 47.
[991]:- المتمعر: المتغير وجهه غيظا. انظر القاموس المحيط ج 2 ص 140.
[992]:- القاموس المحيط ج 3 ص 147 ومختار الصحاح ص 405.