التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{۞فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦٓ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارٗاۖ قَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا لَّعَلِّيٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ جَذۡوَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ} (29)

لم يذكر القرآن أي الأجلين قضى موسى إذ لا يتعلق بتعيينه غرض في سياق القصة . وعن ابن عباس « قضى أوفاهما وأطيبهما إن رسول الله إذا قال فعل » أي أن رسول الله المستقبل لا يصدر من مثله إلا الوفاء التام ، وورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث ضعيفة الأسانيد أنه سئل عن ذلك فأجاب بمثل ما قال ابن عباس . والأهل من إطلاقه الزوجة كما في الحديث : " والله ما علمت على أهلي إلا خيراً " .

وفي سفر الخروج : أنه استأذن صهره في الذهاب إلى مصر لافتقاد أخته وآله . وبقية القصة تقدمت في سورة [ النمل : 7 ] إلا زيادة قوله : { آنس من جانب الطور ناراً } وذلك مساوٍ لقوله هنا ( إذ رأى ناراً فقال لأهله امكثوا إني آنست ناراً .

والجذوة مثلث الجيم ، وقرىء بالوجوه الثلاثة ، فالجمهور بكسر الجيم ، وعاصم بفتح الجيم وحمزة وخلف بضمها ، وهي العود الغليظ . قيل مطلقاً وقيل المشتعل وهو الذي في « القاموس » . فإن كان الأول فوصف الجذوة بأنها من النار وصف مخصص ، وإن كان الثاني فهو وصف كاشف ، و { من } على الأول بيانية وعلى الثاني تبعيضية .