بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦٓ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارٗاۖ قَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا لَّعَلِّيٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ جَذۡوَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ} (29)

وروي عن ابن عباس أنه قال : قضى موسى أتمَّ الأجلين ، وقد كان شرطه له أن ما ولدت في ذلك العام ولداً أبلق ، فهو له ، فولدت في ذلك العام كلها بلقاً ، فأخذ البلق مثل هذا الشرط في شريعتنا غير واجب ، إلا أن الوعد من الأنبياء عليهم السلام واجب ، فوفاه بوعده ، فلما أراد أن يخرج قال لشعيب عليه السلام : يا شيخ أعطني عصا أسوق بها غنمي . فقال لابنته : التمسي له عصا ، فجاءت بعصا شعيب . فقال شعيب عليه السلام : ردي هذه ، وكانت تلك العصا أودعها إياه ملك في صورة إنسان ، وكانت من عود آس الجنة ، فردتها والتمست غيرها ، فلم يقع في يدها غيرها ، فأعطته ، فخرج مع أهله فضل الطريق ، وكانت ليلة باردة مظلمة ، فذلك قوله تعالى : { فَلَمَّا قضى موسى *** الأجل وَسَارَ بِأَهْلِهِ } يعني : بِامرأتِهِ { آنسَ } يعني : أبصر { مِن جَانِبِ الطور نَاراً قَالَ لأهْلِهِ امكثوا } يعني : قفوا مكانكم { إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر } أي : خبر الطريق { أَوْ جَذْوَةٍ مّنَ النار } قرأ عاصم { جَذْوَةٍ } بنصب الجيم ، وقرأ حمزة بضم الجيم ، وقرأ الباقون بالكسر ، فهذه لغات معناها واحد ، وهو قطعة من النار . ويقال : شعلة ، وهو عود قد احترق { لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } أي : لكي تصطلوا من البرد ، فترك امرأته في البرية وذهب .