تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{۞فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦٓ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارٗاۖ قَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا لَّعَلِّيٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ جَذۡوَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ} (29)

قد تقدم في تفسير الآية قبلها أن موسى عليه السلام ، قضى أتم الأجلين وأوفاهما وأبرهما وأكملهما وأنقاهما ، وقد يستفاد هذا أيضًا من الآية الكريمة من قوله{[22303]} : { فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأجَلَ } أي : الأكمل منهما ، والله{[22304]} أعلم .

قال ابن أبي نَجِيح ، عن مجاهد : قضى عشر سنين ، وبعدها عشرا أخر . وهذا القول لم أره لغيره ، وقد حكاه عنه ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والله{[22305]} أعلم .

وقوله : { وَسَارَ بِأَهْلِهِ } قالوا : كان موسى قد اشتاق إلى بلاده وأهله ، فعزم على زيارتهم في خفية من فرعون وقومه ، فتحمل بأهله وما كان معه من الغنم التي وهبها له صهره ، فسلك بهم في ليلة مطيرة مظلمة باردة ، فنزل منزلا فجعل كلما أورى زنده لا يُضيء شيئًا ، فتعجب من ذلك ، فبينما هو كذلك [ إذ ]{[22306]} { آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا } أي : رأى نارا تضيء له على بعد ، { قَالَ لأهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا } أي : حتى أذهب إليها ، { لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ } . وذلك لأنه قد أضل الطريق ، { أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ } أي : قطعة منها{[22307]} ، { لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } أي : تَتَدفؤون بها من البرد .


[22303]:- في أ : "حيث قال".
[22304]:- في ت : "فالله".
[22305]:- في ف : "فالله".
[22306]:- زيادة من ف ، أ.
[22307]:- في ت : "قطعة من النار".