المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{لَكُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى ٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ} (33)

ثم اختلف المتألون في قوله { لكم فيها منافع } الآية ، فقال مجاهد وقتادة : أراد أن للناس في أنعامهم منافع من الصوف واللبن وغير ذلك ما لم يبعثها ربها هدياً فإذا بعثها فهو «الأجل المسمى » ، وقال عطاء بن أبي رباح : أراد في الهدي المبعوث منافع من الركوب والاحتلاب لمن اضطر ، و «الأجل » نحرها وتكون { ثم } لترتيب الجمل ، لأن المحل قبل الأجل ومعنى الكلام عند هاتين الفرقتين { ثم محلها } إلى موضع النحر فذكر { البيت } لأنه أشرف الحرم وهو المقصود بالهدي وغيره ، وقال ابن زيد وابن عمر والحسن ومالك : «الشعائر » في هذه الآية مواضع الحج كلها ومعالمه بمنى وعرفة والمزدلفة والصفا والمروة والبيت وغير ذلك ، وفي الآية التي تأتي أن البدن من الشعائر ، و «المنافع » التجارة وطلب الرزق ، ويحتمل أن يريد كسب الأجر والمغفرة ، وبكل احتمال قالت فرقة و «الأجل » الرجوع إلى مكة لطواف الإفاضة وقوله ، { محلها } مأخوذ من إحلال المحرم ومعناه ثم أخر هذا كله إلى طواف الإفاضة ب { البيت العتيق } ، ف { البيت } على هذا التأويل مراد بنفسه ، قاله مالك في الموطأ .