تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَكُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى ٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ} (33)

الآية 33 : وقوله تعالى : { لكم فيها } أي في ما ذكر من الشعائر { منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق } قال بعضهم : { لكم فيها منافع } من ظهورها وألبانها وأصوافها { إلى أجل مسمى } إلى أن تقلد ، وتهدى /348-ب/ { ثم محلها } إذا قلدت وأهديت { إلى البيت العتيق } .

وكذلك يقول أصحابنا : إن من أوجب بُدْنَةً ، أو أهدى بُدْنَةً ، لا يحل له الانتفاع بها ولا بشيء منها إلا في حال الاضطرار فإذا بلغت محلها ، وذُبحت ، حل الانتفاع بلحمها .

ومنهم من قال في قوله : { لكم فيها منافع إلى أجل مسمى } إلى وقت محلها من الركوب وحلب اللبن وجز الصوف وغير ذلك مما كانوا ينتفعون بها من قبل ، ويروي في ذلك خبرا ؛ روي أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ( رأى رجلا ، ساق بَدَنَةً ، فقال : اركبها ، فقال : إنها بدنة يا رسول الله ، فقال : اركبها فقال : إنها بَدنةُ يا رسول الله ، قال : اركبها ، قال : إنها بدنة يا رسول الله . قال : اركبها ويلك ) [ البخاري 1690 ] وبه يقول بعض الناس ؛ يبيحون الانتفاع بالهدايا والقلائد قبل أن تُنحر ، وتُذبح . لكن عندنا ذلك في وقت الحاجة الشديدة [ في ] {[13045]} المضطر إليها . ففي مثل ذلك يجوز الانتفاع بتلك غير بدل . فعلى ذلك بالهدايا : ينتفع بها بما ذكرنا ، ويضمن ما نقصها ركوبه بها . وجائز أن يكون قوله : { لكم فيها منافع إلى أجل مسمى } إلى أن تهلك أو تهلكوا أنتم كقوله : { ومتاع إلى حين } [ البقرة : 36 ] فعلى ذلك الأول .

ثم يكون قوله : { ثم محلها إلى البيت العتيق } والله أعلم ، ابتداء سؤال سئل عن محل الهدايا والقلائد ، فقال : عند ذلك : { ثم محلها إلى البيت العتيق } والله أعلم . والأول أشبه وأقرب لما ذكرنا .

وقوله تعالى : { إلى البيت العتيق } ذكر البيت العتيق . ومعلوم أنه لم يرد به نفس البيت ، ولكن إنما أراد به البقعة التي فيها البيت ، لأن الدماء لا تراق في البيت ، إنما تراق في تلك البقعة التي هو فيها [ لأن ] {[13046]} الحرم كله منحر ومذبح . وأراد به بقوله : { وليطوفوا بالبيت العتيق } نفس البيت .

ألا ترى أنه قال هاهنا { بالبيت } لما{[13047]} يطاف به ، وقال هنالك { إلى البيت العتيق } [ لما ] {[13048]} أضاف إليه ؟ دل أنه لم يرد به نفس البيت ، ولكن [ أراد ] {[13049]} البقعة التي فيها البيت ، والله أعلم .


[13045]:ساقطة من الأصل و م.
[13046]:ساقطة من الأصل و م.
[13047]:في الأصل و م: فإنما.
[13048]:ساقطة من الأصل و م.
[13049]:ساقطة من الأصل و م.