تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{لَكُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى ٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ} (33)

قوله : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ } أي : لكم في البدن منافع ، من لبنها ، وصوفها وأوبارها وأشعارها ، وركوبها .

{ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } : قال مِقْسَم ، عن ابن عباس [ في قوله ]{[20208]} : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } قال : ما لم يسم بدنا .

وقال مجاهد في قوله : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } ، قال : الركوب واللبن والولد ، فإذا سُمّيت بَدنَةً أو هَديًا ، ذهب ذلك كله . وكذا قال عطاء ، والضحاك ، وقتادة ، [ ومقاتل ]{[20209]} وعطاء الخراساني ، وغيرهم .

وقال آخرون : بل له أن ينتفع بها وإن كانت هديا ، إذا احتاج إلى ذلك ، كما ثبت في الصحيحين عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدَنَةً ، قال : " اركبها " . قال : إنها بَدنَة . قال : " اركبها ، ويحك " ، في الثانية أو الثالثة{[20210]} .

وفي رواية لمسلم ، عن جابر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اركبها بالمعروف إذا ألجئتَ إليها " {[20211]} .

وقال شعبة ، عن زهير بن أبي ثابت الأعمى ، عن المغيرة بن حَذْف ، عن علي ؛ أنه رأى رجلا يسوق بدنة ومعها ولدها ، فقال : لا تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها ، فإذا كان يوم النحر فاذبحها وولدَها .

وقوله : { ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ } أي : مَحِل الهدي وانتهاؤه إلى البيت العتيق ، وهو الكعبة ، كما قال تعالى : { هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ } [ المائدة : 95 ] ، وقال { وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } [ الفتح : 25 ] .

وقد تقدم الكلام على معنى " البيت العتيق " قريبا ، ولله الحمد{[20212]} .

وقال ابن جُرَيْج ، عن عطاء : كان ابن عباس يقول : كل من طاف بالبيت ، فقد حل ، قال الله تعالى : { ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ }


[20208]:- زيادة من ت ، ف ، أ.
[20209]:- زيادة من ت ، ف ، أ.
[20210]:- صحيح البخاري برقم (1690) وصحيح مسلم برقم (1323).
[20211]:- صحيح مسلم برقم (1323).
[20212]:- في ت : "والله أعلم".