المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{يُنَادُونَهُمۡ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ وَتَرَبَّصۡتُمۡ وَٱرۡتَبۡتُمۡ وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ} (14)

وقوله تعالى : { ينادونهم } معناه : ينادي المنافقون المؤمنين { ألم نكن معكم } في الدنيا ؟ فيرد المؤمنون عليهم : { بلى } كنتم معنا ، ولكنكم عرضتم أنفسكم للفتنة ، وهو حب العاجل والقتال عليه ، قال مجاهد : { فتنتم أنفسكم } بالنفاق .

{ وتربصتم } معناه هنا : بأمانكم { فأبطأتم } به حتى متم . وقال قتادة معناه : تربصتم بنا وبمحمد عليه السلام الدوائر وشككتم في أمر الله . والارتياب : التشكك . و : { الأماني } التي غرتهم هي قولهم : سيهلك محمد هذا العام ستهزمه قريش ، ستأخذه الأحزاب ، إلى غير ذلك من أمانيهم ، وطول الأمل غرار لكل أحد ، و { أمر الله } الذي { جاء } هو الفتح وظهور الإسلام ، وقيل هو موت المنافقين وموافاتهم على هذه الحال الموجبة للعذاب و : { الغرور } الشيطان بإجماع من المتأولين .

وقرأ سماك بن حرب بضم الغين ، وأبو حيوة . وينبغي لكل مؤمن أن يعتبر هذه الآية في نفسه وتسويفه في توبته .