وقوله تعالى : { ينادونهم } معناه : ينادي المنافقون المؤمنين : { أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ } : في الدنيا ، فيردّ المؤمنون عليهم : { بلى } : كنتم معنا ، ولكن عَرَّضْتُمْ أنفسكم للفتنة ، وهي حُبُّ العاجل والقتال عليه ، قال مجاهد : ( فتنتم أنفسكم ) بالنفاق { وَتَرَبَّصْتُمْ } معناه هنا : بإيمانكم فأبطأتم به ، حَتَّى مُتُّم ، وقال قتادة : معناه : تربصتم بِنَا وبمحمد صلى الله عليه وسلم الدوائرَ ، وشككتم ، والارتياب : التشكك ، والأماني التي غرتهم هي قولهم : سَيَهْلَكُ محمد هذا العام ، سَتَهْزِمُهُ قريش ، ستأخذه الأحزاب ، إلى غير ذلك من أمانيهم ، وطول الأمل : غرار لكل أحد ، وأمر اللَّه الذي جاء هو : الفتح وظهور الإسلام ، وقيل : هو موتهم على النفاق المُوجِبِ للعذاب ، و{ الغرور } : الشيطان بإجماع المتأولين ، وينبغي لكل مؤمن أَنْ يعتبر هذه الآيةَ في نفسه ، وتسويفَه في توبته ، واعلم أيها الأخ أَنَّ الدنيا غَرَّارة للمقبلين عليها ، فإنْ أردت الخلاص والفوز بالنجاة ، فازهدْ فيها ، وأقبلْ على ما يعنيك من إصلاح دينك والتزود لآخرتك ، وقد روى ابن المبارك في «رقائقه » عن أبي الدرداء أَنَّهُ قال يعني لأصحابه : لَئِنْ حَلَفْتُم لي على رجل منكم أَنَّه أزهدكم ، لأحلفنَّ لكم أنَّه خيركم ، وروى ابن المبارك بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّه قال : " يَبْعَثُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِهِ كَانَا عَلَى سِيرَةٍ وَاحِدَةٍ ، أَحَدُهُمَا مَقْتُورٌ عَلَيْهِ ، وَالآخَرُ مَوَسَّعٌ عَلَيْهِ فَيُقْبِلُ المَقْتُورُ عَلَيْهِ إلَى الجَنَّةِ ، وَلاَ يَنْثَنِي عَنْهَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى أَبْوَابِهَا ، فَيَقُولُ حَجَبَتُهَا : إلَيْكَ إلَيْكَ فَيَقُولُ : إذَنْ لاَ أَرْجِعَ ، قال : وَسَيْفُهُ في عُنُقِهِ فَيَقُولُ : أُعْطِيتُ هذا السَّيْفَ في الدُّنْيَا أُجَاهِدُ بِهِ ، فَلَمْ أَزَلْ مُجَاهِداً بِهِ حتى قُبِضْتُ وَأَنَا على ذَلِكَ ، فَيَرْمِي بِسَيْفِهِ إلَى الخَزَنَةِ ، وَيَنْطَلِقُ ، لاَ يُثْنُونَهُ وَلاَ يَحْبِسُونَهُ عَنِ الجَنَّةِ ، فَيَدْخُلُهَا ، فَيَمْكُثُ فِيهَا دَهْراً ، ثُمَّ يَمُرُّ بِهِ أَخُوهُ المُوَسَّعُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُ : يَا فُلاَنُ ، مَا حَبَسَكَ ؟ ! فَيَقُولُ : مَا خُلِّيَ سَبِيلِي إلاَّ الآن ، وَلَقَدْ حُبِسْتُ مَا لَوْ أَنَّ ثَلاَثَمِائَةِ بِعِيرٍ أَكَلَتْ خَمْطاً ، لاَ يَرِدْنَ إلاَّ خِمْساً وَرَدْنَ على عِرْقِي لَصَدَرْنَ مِنْهُ رِيًّا " انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.