قوله تعالى : { ألا لله الدين الخالص } قال قتادة : شهادة أن لا إله الله . وقيل : لا يستحق الدين الخالص إلا الله ، وقيل : الدين الخالص من الشرك هو لله . { والذين اتخذوا من دونه } أي : من دون الله { أولياء } يعني : الأصنام { ما نعبدهم } أي : قالوا : ما نعبدهم { إلا ليقربونا إلى الله زلفى } وكذلك قرأ ابن مسعود ، وابن عباس . قال قتادة : وذلك أنهم إذا قيل لهم : من ربكم ، ومن خلق السماوات والأرض ؟ قالوا : الله ، فيقال لهم : فما معنى عبادتكم الأوثان ؟ قالوا : ليقربونا إلى الله زلفى ، أي : قربى ، وهو اسم أقيم في مقام المصدر ، كأنه قال : إلا ليقربونا إلى الله تقريباً ، ويشفعوا لنا عند الله . { إن الله يحكم بينهم } يوم القيامة . { فيما هم فيه يختلفون } من أمر الدين . { إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار } لا يرشد لدينه من كذب ، فقال : إن الآلهة تشفع ، وكفى باتخاذ الآلهة دونه كذباً وكفرا .
وقوله تعالى : { ألا لله الدين الخالص } بمعنى من حقه ومن واجباته لا يقبل غير هذا ، وهذا كقوله : { لله الحمد } [ الجاثية : 36 ] ، أي واجباً ومستحقاً . قال قتادة : { الدين الخالص } ، لا إله إلا الله .
وقوله تعالى : { والذين اتخذوا } رفع بالابتداء ، وخبره في المحذوف المقدر ، تقديره : يقولون ما نعبدهم ، وفي مصحف ابن مسعود : «قالوا ما نعبدهم » ، وهي قراءة ابن عباس ومجاهد وابن جبير . و : { أولياء } يريد بذلك معبودين ، وهذه مقالة شائعة في العرب ، يقول كثير منهم في الجاهلية : الملائكة بنات الله ونحن نعبدهم ليقربونا ، وطائفة منهم قالت ذلك في أصنامهم وأوثانهم . وقال مجاهد : قد قال ذلك قوم من اليهود في عزير ، وقوم من النصارى في عيسى ابن مريم . وفي مصحف أبي بن كعب : «ما نعبدكم » بالكاف «إلا لتقربونا » بالتاء . و { زلفى } بمعنى قربى وتوصلة ، كأنه قال : لتقربونا إلى الله تقريباً ، وكأن هذه الطوائف كلها كانت ترى نفوسها أقل من أن تتصل هي بالله ، فكانت ترى أن تتصل بمخلوقاته .
و { زلفى } عند سيبويه مصدر في موضع الحال ، كأنه ينزل منزلة متزلفين ، والعامل فيه { ليقربونا } هذا مذهب سيبويه وفيه خلاف ، وباقي الآية وعيد في الدنيا والآخرة .
قوله عز وجل : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ } : هذه الآية إما أن يكون معناها أن الله لا يهدي الكاذب الكفار في حال كذبه وكفره ، وإما أن يكون لفظها العموم ومعناها الخصوص فيمن ختم الله عليه بالكفر وقضى في الأزل أنه لا يؤمن أبداً ، وإلا فقد وجد الكاذب الكفار قد هدى كثيراً .
وقرأ أنس بن مالك والجحدري : «كذب كفار » بالمبالغة فيهما ، ورويت عن الحسن والأعرج ويحيى بن يعمر ، وهذه المبالغة إشارة إلى المتوغل في الكفر ، القاسي فيه الذي يظن به أنه مختوم عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.