معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَٱلۡتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرۡعَوۡنَ لِيَكُونَ لَهُمۡ عَدُوّٗا وَحَزَنًاۗ إِنَّ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَٰطِـِٔينَ} (8)

قوله عز وجل :{ فالتقطه آل فرعون } والالتقاط هو وجود الشيء من غير طلب ، { ليكون لهم عدواً وحزناً } وهذه اللام تسمى لام العاقبة ولام الصيرورة ، لأنهم لم يلتقطوه ليكون لهم عدواً وحزناً ولكن صار عاقبة أمرهم إلى ذلك ، قرأ حمزة والكسائي : ( حزناً ) بضم الحاء وسكون الزاي ، وقرأ الآخرون بفتح الحاء والزاي ، وهما لغتان ، { إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين } عاصين آثمين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱلۡتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرۡعَوۡنَ لِيَكُونَ لَهُمۡ عَدُوّٗا وَحَزَنًاۗ إِنَّ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَٰطِـِٔينَ} (8)

قال محمد بن إسحاق وغيره : " اللام " هنا لام العاقبة لا لام التعليل ؛ لأنهم لم يريدوا بالتقاطه ذلك . ولا شك أن ظاهر اللفظ يقتضي ما قالوه ، ولكن إذا نظر إلى معنى السياق فإنه تبقى{[22225]} اللام للتعليل ؛ لأن معناه أن الله تعالى ، قيضهم لالتقاطه ليجعله لهم عدوًا وحزنًا فيكون أبلغ في إبطال حذرهم منه ؛ ولهذا قال : { إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ } .

وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه كتب كتابًا إلى قوم من القدرية ، في تكذيبهم بكتاب الله وبأقداره النافذة في علمه السابق : وموسى في علم الله السابق لفرعون عدو وحزن ، قال الله تعالى : { وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ } ، وقلتم أنتم : لو شاء فرعون أن يكون لموسى وليًا ونصيرًا ، والله يقول : { لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا } .


[22225]:- في ت : "يعني".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَٱلۡتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرۡعَوۡنَ لِيَكُونَ لَهُمۡ عَدُوّٗا وَحَزَنًاۗ إِنَّ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَٰطِـِٔينَ} (8)

{ فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا } تعليل لالتقاطهم إياه بما هو عاقبته ومؤداه تشبيها له بالغرض الحامل عليه . وقرأ حمزة والكسائي { وحزنا } . { إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين } في كل شيء فليس ببدع منهم أن قتلوا ألوفا لأجله ثم أخذوه يربونه ليكبر ويفعل بهم ما كانوا يحذرون ، أو مذنبين فعاقبهم الله تعالى بأن ربى عدوهم على أيديهم ، فالجملة اعتراض لتأكيد خطئهم أو لبيان الموجب لما ابتلوا به ، وقرئ " خاطين " تخفيف { خاطئين } أو " خاطين " الصواب إلى الخطأ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱلۡتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرۡعَوۡنَ لِيَكُونَ لَهُمۡ عَدُوّٗا وَحَزَنًاۗ إِنَّ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَٰطِـِٔينَ} (8)

«الالتقاط » اللقاء على غير قصد وروية ، ومنه قول الشاعر [ نقادة الأسدي ] : [ الرجز ]

ومنهم وردته التقاطا . . . لم ألق إذ وردته فراطا{[9110]}

إلا الحمام القمر والغطاطا . . . فهن يلغطن به إلغاطا

ومنه اللغطة و { آل فرعون } أهله وجملته ، وروي أن آسية امرأة فرعون رأت التابوت يعوم في اليم فأمرت بسوقه وفتحته فرأت فيه صبياً صغيراً فرحمته وأحبته ، وقال السدي : إن جواريها كان لهن في القصر على النيل فرضة{[9111]} يدخل الماء فيها إلى القصر حتى ينلنه في المرافق والمنافع فبينا هنّ يغسلن في تلك الفرضة إذ جاء التابوت فحملته إلى مولاتهن ، وقال ابن إسحاق : رآه فرعون يعوم فأمر بسوقه وآسية جالسة معه فكان ما تقدم ، وقوله تعالى : { ليكون لهم عدواً وحزناً } هي لام العاقبة لا أن المقصد بالالتفاظ كان لأن يكون عدواً ، وقرأ الجمهور «وحَزَناً » بفتح الحاء والزاي .

وقرأ حمزة والكسائي وابن وثاب وطلحة والأعمش «وحُزْناً » بضم الحاء وسكون الزاي ، و «الخاطىء » متعمد الخطأ ، والمخطىء الذي لا يتعمده .


[9110]:البيتان من مشطور الرجز، وقد ذكرهما في (اللسان- لقط)، ونسبهما لنقادة الأسدي، قال: "لقيته التقاطا: إذا لقيته من غير أن ترجوه أو تحسبه، قال نقادة الأسدي: وذكر البيتين وبعدهما الثالث وهو: إلا الحمام الورق والغطاطا وقال سيبويه: التقاطا: أي فجأة وهو من المصادر التي وقعت أحوالا نحو جاء ركضا... وحكى ابن الأعرابي: لقيته لقاطا: مواجهة"، والبيت الأول مذكور في الصحاح، والمقاييس، والكتاب لسيبويه بدون نسبة. والمنهل: المورد: وفراط القطا: متقدماتها إلى الوادي والماء، والغطاط بفتح الغين: القطا، وقيل ضرب منه، والواحدة غطاطة، والشاعر يتحدث عن مورد ماء ورده فجأة دون أن يحتسب ذلك، ولم يجد عنده فراط القطا اللهم إلا الحمام الورق وبعض الغطاط.
[9111]:الفرضة من النهر: مشرب الماء منه، ومن البحر: محط السفن.