ثم قال تعالى{[53205]} : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا }[ 7 ] ، يعني التقطه من النيل جواري امرأة فرعون آسية . خرجن يغتسلن فوجدن التابوت ، فأدخلناه إلى آسية ، فوقعت عليه رحمتها{[53206]} وحنينها{[53207]} ، فلما أخبرت به فرعون ، أراد أن يذبحه ، فلم تزل تكلمه حتى تركه لها .
وقال : إني أخاف أن يكون هذا من بني إسرائيل/ ، وأن يكون هذا الذي على يديه هلاكنا ، ولذلك قال تعالى{[53208]} : { ليكون لهم عدوا وحزنا }[ 7 ] .
وقال{[53209]} محمد بن قيس : كانت ابنة فرعون برصاء ، فجاءت إلى النيل فإذ التابوت في النيل تخفقه{[53210]} الأمواج ، فأخذته ابنة فرعون ، فلما فتحت التابوت ، فإذا{[53211]} هي بصبي ، فلما نظرت إلى وجهه{[53212]} برأت من البرص ، فجاءت إلى أمها ، وقالت : إن هذا الصبي مبارك ، لما نظرت إليه برأت . فقال فرعون : هذا من صبيان بني إسرائيل ، هلم حتى أقتله{[53213]} فقالت{[53214]} : { قرت{[53215]} عين لي ولك لا تقتلوه }{[53216]}[ 8 ] .
وقال ابن إسحاق : وأجمع فرعون في مجلس له على شفير النيل ، كان يجلسه{[53217]} على كل غداة{[53218]} فبينما هو جالس إذ مر النيل بالتابوت فقذف به ، وآسية بنت مزاحم امرأته جالسة إلى جنبه . فقال : إن هذا الشيء في البحر ، فأتوني به ، فخرج إليه أعوانه ، حتى جاءوا به ، ففتح التابوت ، فإذا فيه صبي في مهده ، فألقى الله عليه محبته وعطف{[53219]} عليه نفسه . قالت امرأته آسية : { لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا }{[53220]} .
وحكى{[53221]} الكسائي : في تصغير آل : أويل{[53222]} والأكثر على رده إلى الأصل ، فيقولون{[53223]} : أهيل وإذا أضيف إلى اسم صحيح ليس بموضوع لمعرفة ردوه إلى الأصل . فقالوا : هم أهل الرجل ، وأهل المرأة . وكذلك إن أضافوا{[53224]} إلى مضمر أو إلى بلد . قالوا : هم أهلك ، وأهل الكوفة{[53225]} ، وقوله : { ليكون لهم عدوا وحزنا }[ 7 ] .
اللام{[53226]} لام كي ، والمعنى أنه{[53227]} لما كان في علم الله أن يكون لهم عدوا وحزنا ، صاروا كأنهم{[53228]} التقطوه لذلك ، وإن لم يقصدوا ذلك إنما آل أمرهم إلى أن كان لهم عدوا وحزنا ، صاروا كأنهم التقطوه لذلك ، ومثله : { فوسوس لهما{[53229]} الشيطان ليبدي لهما{[53230]} ما وري من سوءاتهما }{[53231]} . لم يعرف إبليس أنهما إذا{[53232]} أكلا بدت لهما{[53233]} سوآتهما ، ولا قصد لذلك إنما قصد ليوقعهما في الخطيئة ، فبدت لهما سوآتهما عند مواقعة الخطيئة فصار كأنه فعل ذلك{[53234]} ليبدي لهما سوآتهما وإن لم يكن قصده لذلك{[53235]} . وهي لام العاقبة{[53236]} ولام الصيرورة وهذا كما قال : " فللموت ما تلد الوالدة " لم تلد المولود ليموت ولا للموت ، ولكن{[53237]} كانت العاقبة إلى الموت ، تكون صارت كأنها{[53238]} ولدته لذلك والحُزن والحَزن لغتان ، كالسُقم والسَقم{[53239]} .
وقيل : الحَزن : الاسم ، والحُزن المصدر .
وقوله تعالى{[53240]} : { كانوا خاطئين }[ 7 ] ، أي آثمين بفعلهم ، يقال خطئ يخطأ : إذا تعمد الذنب .
ويروى : أن فرعون كان له رجال مخضبة أيديهم بالحناء قد شدوا أوساطهم بالمناطق وفيها السكاكين يذبحون الأطفال ، فولدت أم موسى موسى{[53241]} ، ولا علم عندهم به ، فأوحى الله إليها أن ترضعه ، فإن خافت عليه ألقته في اليم يعني النيل ، فخافت عليه ، فجعلته في تابوت وغلقت عليه ، وعلقت المفاتيح{[53242]} في التابوت ، وألقته{[53243]} في النيل ، وكان لامرأة فرعون جوار يسقين لها الماء من موضع من النيل لا تشرب{[53244]} من غيره ، فلما أتى الجواري يستقين وجدن التابوت ، فأردن فتحه ، ثم قال بعضهم{[53245]} البعض : إن{[53246]} فتحناه قبل أن تراه سيدتنا اتهمنا{[53247]} . وقالت : وجدتن فيه شيئا غير هذا ، ولكن دعنه{[53248]} على حاله{[53249]} حتى تكون هي التي تفتحه وهو{[53250]} أحصى{[53251]} لكن عندها ، فذهبن بالتابوت إليها ، ففتحت التابوت فإذا موسى ، فكان من قصته ما ذكره{[53252]} الله لنا ، وقد تقدم من قصته في مريم{[53253]} نحو هذا أو أشبع منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.