مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَٱلۡتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرۡعَوۡنَ لِيَكُونَ لَهُمۡ عَدُوّٗا وَحَزَنًاۗ إِنَّ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَٰطِـِٔينَ} (8)

أما قوله : { فالتقطه آل فرعون } فالالتقاط إصابة الشيء من غير طلب ، والمراد بآل فرعون جواريه .

أما قوله : { ليكون لهم عدوا وحزنا } فالمشهور أن هذه اللام يراد بها العاقبة .

قالوا وإلا نقض قوله : { وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك } ونقض قوله : { وألقيت عليك محبة مني } ونظير هذه اللام قوله تعالى : { ولقد ذرأنا لجهنم } وقوله الشاعر :

لدوا للموت وابنوا للخراب *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

واعلم أن التحقيق ما ذكره صاحب الكشاف وهو أن هذه اللام هي لام التعليل على سبيل المجاز ، وذلك لأن مقصود الشيء وغرضه يؤول إليه أمره فاستعملوا هذه اللام فيما يؤول إليه الشيء على سبيل التشبيه ، كإطلاق لفظ الأسد على الشجاع والبليد على الحمار ، قرأ حمزة والكسائي ( حزنا ) بضم الحاء وسكون الزاي والباقون بالفتح وهما لغتان مثل السقم والسقم .

أما قوله : ( كانوا خاطئين ) ففيه وجهان : أحدهما : قال الحسن معنى { كانوا خاطئين } ليس من الخطيئة بل المعنى وهم لا يشعرون أنه الذي يذهب بملكهم ، وأما جمهور المفسرين فقالوا معناه كانوا خاطئين فيما كانوا عليه من الكفر والظلم ، فعاقبهم الله تعالى بأن ربى عدوهم ومن هو سبب هلاكهم على أيديهم ، وقرئ { خاطين } تخفيف خاطئين أي خاطين الصواب إلى الخطأ .