فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَٱلۡتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرۡعَوۡنَ لِيَكُونَ لَهُمۡ عَدُوّٗا وَحَزَنًاۗ إِنَّ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَٰطِـِٔينَ} (8)

{ فالتقطه آل فرعون } الفاء هي الفصيحة ، والالتقاط إصابة الشيء من غير طلب ، والمراد بآل فرعون هم الذين أخذوا التابوت الذي فيه موسى من البحر ، والتقدير فألقته في اليم بعدما جعلته في التابوت ، فالتقطه من وجده من آل فرعون ، أي أعوانه ، قال الزجاج : كان فرعون من أهل فارس من اصطخر .

{ ليكون لهم عدوا وحزنا } اللام لام العاقبة ، ووجه ذلك أنهم إنما أخذوه ليكون لهم ولدا وقرة عين ؛ لا ليكون عدوا ، فكان عاقبة ذلك أنه كان لهم عدوا يقتل رجالهم ، وحزنا يستعبد نساءهم ، قاله المحلي وقال صاحب الكشاف : هي لام كي التي معناها التعليل ، ولكن هذا المعنى وارد على طريق المجاز ، لأنه لما كانت هذه العداوة نتيجة لفعلهم ، وثمرة له شبهت بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعل لأجله ، قرئ حزنا بفتح الحاء والزاي ، وحزنا بضم الحاء وسكون الزاي ، وهما لغتان كالعدم والعدم ، والرشد والسقم .

{ إن فرعون وهامان وجنودهما } تعليل لما قبله أو اعتراض لقصد التأكيد { كانوا خاطئين } أي : عاصين آثمين في كل أفعالهم ، وأقوالهم فعوقبوا على يديه مع أنه تربى على أيديهم ، فهذا أبلغ في إذلالهم ، وهو مأخوذ من{[1346]} الخطأ المقابل للصواب لأنهم لم يشعروا أنه الذي يذهب بملكهم ، أو من خطأ يخطو أي تجاوز الصواب .


[1346]:لو كان من الخطأ المقابل للصواب لقال" مخطئين" أما الخاطئ فهو من باب خطئ يخطأ خطيئته وليس من باب أخطأ يخطئ خطأ وفي الأول يقول الله تعالى لا يأكله إلا الخاطئون. وفي الثاني يقول الرسول عليه الصلاة والسلام رفع عن أمتي الخطأ النسيان وما استكرهوا عليه, المطيعي.