معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ يَوۡمَ ٱلتَّنَادِ} (32)

قوله تعالى : { ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد } ، يوم القيامة يدعى كل أناس بإمامهم وينادي بعضهم بعضاً ، فينادي أصحاب الجنة أصحاب النار ، وأصحاب النار أصحاب الجنة ، وينادى أصحاب الأعراف ، وينادى بالسعادة والشقاوة ، ألا إن فلان ابن فلان سعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً ، وفلان ابن فلان قد شقى شقاوة لا يسعد بعدها أبداً ، وينادى حين يذبح الموت : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت . وقرأ ابن عباس و الضحاك : { يوم التناد } بتشديد الدال أي : يوم التنافر ، وذلك أنهم هربوا فندوا في الأرض كما تند الإبل إذا شردت عن أربابها . قال الضحاك : وكذلك إذا سمعوا زفير النار ندوا هرباً فلا يأتون قطراً من الأقطار إلا وجدوا الملائكة صفوفاً ، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه ، فذلك قوله تعالى : { والملك على أرجائها } ( الحاقة-17 ) ، وقوله : { يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا } ( الرحمن-33 ) .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ يَوۡمَ ٱلتَّنَادِ} (32)

21

ثم يطرق على قلوبهم طرقة أخرى ، وهو يذكرهم بيوم آخر من أيام الله . يوم القيامة . يوم التنادي :

( ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد . يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم . ومن يضلل الله فما له من هاد ) . .

وفي ذلك اليوم ينادي الملائكة الذين يحشرون الناس للموقف . وينادي أصحاب الأعراف على أصحاب الجنة وأصحاب النار . وينادي أصحاب الجنة أصحاب النار ، وأصحاب النار أصحاب الجنة . . فالتنادي واقع في صور شتى . وتسميته ( يوم التناد )تلقي عليه ظل التصايح وتناوح الأصوات من هنا ومن هناك ، وتصور يوم زحام وخصام .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ يَوۡمَ ٱلتَّنَادِ} (32)

{ ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد } يوم القيامة ينادي فيه بعضهم بعضا للاستغاثة ، أو يتصايحون بالويل والثبور ، أو يتنادى أصحاب الجنة وأصحاب النار كما حكي في " الأعراف " . وقرئ بالتشديد وهو أن يند بعضهم من بعض كقوله تعالى : { يوم يفر المرء من أخيه } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ يَوۡمَ ٱلتَّنَادِ} (32)

أعقب تخويفَهم بعقاب الدنيا الذي حلّ مثله بقوم نوح وعاد وثمود والذينَ مِن بعدهم بأنْ خَوَّفهم وأنذَرَهم عذاب الآخرة عاطفاً جملته على جملة عذاب الدنيا .

وأَقْحَم بين حرف العطف والمعطوففِ نداء قومه للغرض الذي تقدم آنفاً .

و { يَوْمَ التَّنَادِي } هو يوم الحساب والحشر ، سمي { يَوْمَ التَّنَادي } لأن الخلق يتنادون يومئذٍ : فَمِن مستشفع ومن متضرع ومن مسلِّم ومهنِّىءٍ ومن موبّخ ومن معتذر ومن آمر ومن معلن بالطاعة قال تعالى : { يوم يناديهم } [ فصلت : 47 ] ، { أولئك ينادون من مكان بعيد } [ فصلت : 44 ] ، { ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار } [ الأعراف : 44 ] ، { ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة } [ الأعراف : 50 ] ، { يوم ندعوا كل أناس بإمامهم } [ الإسراء : 71 ] ، { دعوا هنالك ثبورا } [ الفرقان : 13 ] ، { يوم يدعُ الداعِ إلى شيء نكر } [ القمر : 6 ] ونحو ذلك . ومن بديع البلاغة ذكر هذا الوصف لليوممِ في هذا المقام ليُذكرهم أنه في موقفه بينهم يناديهم ب ( يا قوم ) ناصحاً ومريداً خلاصهم من كل نداء مفزع يوم القيامة ، وتأهيلَهم لكل نداء سارّ فيه .

وقرأ الجمهور { يَوْمَ التَّنَادِ } بدون ياء في الوصل والوقففِ وهو غير منون ولكن عومل معاملة المنوّن لقصد الرعاية على الفواصل ، كقول التاسعة من نساء حديث أم زرع : « زَوجي رفيعُ العِماد ، طويل النِجَاد ، كثيرُ الرماد ، قريبُ البيت من الناد » فحذفت الياء من كلمة ( الناد ) وهي معرِفة .

وقرأ ابن كثير { يوم التنادي بإثبات الياء على الأصل اعتباراً بأن الفاصلة هي قوله : فَمَا لَهُ مِن هَادٍ } .