ثم قال تعالى ذكره حكاية عن قول المؤمن لقومه : { ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين } أي : إني أخاف عليكم إن قتلتم موسى ولم تؤمنوا بما جاءكم{[59603]} به عقاب الله يوم التنادي ، أي : يوم القيامة ، أي : يوم يتنادى{[59604]} أصحاب الجنة والنار كما ذكر في سورة الأعراف وغيرها{[59605]} فقال : { ونادى أصحاب الجنة } ، { ونادى أصحاب الأعراف } ، { ونادى أصحاب النار }{[59606]} قال قتادة وابن زيد{[59607]} .
وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يأمر الله عز وجل إسرافيل عليه السلام بالنفخة الأولى فيقول : انفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله ، ويأمره{[59608]} فيديمها ويطولها فلا تفتر{[59609]} – وهي التي يقول الله عز وجل : { وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة مالها من فواق }{[59610]} – فيسيٍِّر الله عز وجل الجبال فتكون سرابا ، وترتد الأرض بأهلها رجا{[59611]} – وهي التي يقول الله عز وجل { يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة }{[59612]} – فتكون ( الأرض كالسفينة ){[59613]} المزنقة{[59614]} في البحر تمر بها الأمواج تكفأ{[59615]} بأهلها ، وكالقنديل ( المعلق بالعرش ){[59616]} ترجحه ( الأرواح فيميل{[59617]} الناس على ظهرها فتذهل{[59618]} المراضع وتضع الحوامل ( وتشيب الولدان ){[59619]} وتطير الشياطين هاربة حتى تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها ، فترجع ، ويولي{[59620]} الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضا ، وهو اليوم الذي يقول الله عز وجل : { يوم التناد يوم تولون مدبرين }{[59621]} .
فعلى{[59622]} هذا الحديث يكون التنادي في النفخة الأولى في الدنيا .
وقرأ الضحاك : يوم التنادي بتشديد الدال{[59623]} ، جعله من نَدّ{[59624]} البعير إذا مر على وجهه هاربا . فهذا يراد به ما يكون يوم القيامة من حال الناس .
ويسعد هذه القراءة ويقويها{[59625]} ما روى عبد الله بن خالد{[59626]} قال : يظهر للناس يوم القيامة عنق ( من النار فيتولون ){[59627]} هاربين منها حتى تحيط بهم ، فإذا أحاطت بهم قالوا : أين المفر ؟
ثم أخذوا في البكاء حتى تنفذ الدموع فيكون دما ، ثم يشخص الكفار فذلك قوله : { مهطعين مقنعي رؤوسهم }{[59628]} .
ويقويها أيضاا رواه الضحاك ، قال : ( إذا كان يوم القيامة أمر الله عز وجل السماء الدنيا فتشققت{[59629]} بأهلها ، فنزل من{[59630]} فيها من الملائكة فأحاطوا بالأرض ومن عليها ، ثم الثانية ، ثم الثالثة ، ثم الرابعة ، ثم الخامسة ، ثم السادسة ، ثم السابعة ، فصفوا صفا دون صف ، ثم ينزل الملك الأعلى ، على مجنبته{[59631]} اليسرى جهنم ، فإذا رآها أهل الأرض ندوا ، ( فلا يوافقون ){[59632]} قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه – فذلك قوله : { إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين }{[59633]} وذلك قوله : { وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم{[59634]} } .
وقوله : { يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان }{[59635]} .
وذلك قوله : { وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها }{[59636]} .
وقال قتادة : يوم تولون مدبرين ، أي : منطلقا بكم إلى النار{[59637]} .
وقال مجاهد : يوم{[59638]} تولون ( فارين غير معجزين ){[59639]} .
{ مالكم من الله من عاصم } أي : ما لكم من عذاب الله سبحانه من مانع يمنعكم منه وينصركم .
ثم قال تعالى : { ومن يضلل الله فماله من هاد } أي : من يخذله الله فلا يوفقه للرشاد ، فما له من موفق يوفقه له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.