معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ خَمۡرٗاۖ وَأَمَّا ٱلۡأٓخَرُ فَيُصۡلَبُ فَتَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِن رَّأۡسِهِۦۚ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسۡتَفۡتِيَانِ} (41)

ثم فسر رؤياهما فقال : { يا صاحبي السجن أما أحدكما } ، وهو صاحب الشراب ، { فيسقي ربه } ، يعني الملك { خمرا } ، والعناقيد الثلاثة أيام يبقى في السجن ثم يدعوه الملك بعد الثلاثة أيام ، ويرده إلى منزلته التي كان عليها ، { وأما الآخر } ، يعني : صاحب الطعام فيدعوه الملك بعد ثلاثة أيام ، والسلال الثلاث الثلاثة أيام يبقى في السجن ، ثم يخرجه ، { فيصلب فتأكل الطير من رأسه } . قال ابن مسعود : لما سمعا قول يوسف قالا : ما رأينا شيئا إنما كنا نلعب ، قال يوسف : { قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } ، أي : فرغ من الأمر الذي عنه تسألان ، ووجب حكم الله عليكما الذي أخبرتكما به ، رأيتما أو لم تريا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ خَمۡرٗاۖ وَأَمَّا ٱلۡأٓخَرُ فَيُصۡلَبُ فَتَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِن رَّأۡسِهِۦۚ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسۡتَفۡتِيَانِ} (41)

35

وإلى هنا يبلغ يوسف أقصى الغاية من الدرس الذي ألقاه ، مرتبطا في مطلعه بالأمر الذي يشغل بال صاحبيه في السجن . ومن ثم فهو يؤول لهما الرؤيا في نهاية الدرس ، ليزيدهما ثقة في قوله كله وتعلقا به :

( يا صاحبي السجن ، أما أحدكما فيسقي ربه خمرا ، وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه )

ولم يعين من هو صاحب البشرى ومن هو صاحب المصير السيء تلطفا وتحرجا من المواجهة بالشر والسوء . ولكنه أكد لهما الأمر واثقا من العلم الذي وهبه الله له :

( قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ) . .

وانتهى فهو كائن كما قضاه الله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ خَمۡرٗاۖ وَأَمَّا ٱلۡأٓخَرُ فَيُصۡلَبُ فَتَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِن رَّأۡسِهِۦۚ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسۡتَفۡتِيَانِ} (41)

40

يقول لهما : { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا } وهو الذي رأى أنه يعصر خمرا ، ولكنه لم يعينِّه لئلا يحزن ذاك ، ولهذا أبهمه في قوله : { وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ } وهو في نفس الأمر الذي رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزا .

ثم أعلمهما أن هذا قد فُرغ منه ، وهو واقع لا محالة ؛ لأن الرؤيا على رجل طائر ما لم تُعَبر ، فإذا عُبِّرَت وَقَعت .

وقال الثوري ، عن عمارة بن القعقاع عن إبراهيم ، عن عبد الله قال : لما قالا ما قالا وأخبرهما ، قالا ما رأينا شيئا . فقال : { قُضِيَ الأمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ }

ورواه محمد بن فضيل{[15182]} عن عمارة ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود به ، وكذا فسره مجاهد ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغيرهم . وحاصله أن من تحلَّم بباطل وفَسّره ، فإنه يُلزَم بتأويله ، والله أعلم ، وقد ورد في الحديث الذي رواه الإمام أحمد ، عن معاوية بن حَيْدة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " الرؤيا على رجل طائر ما لم تُعَبر{[15183]} فإذا عُبِّرت وقعت " {[15184]} وفي مسند أبي يَعْلَى ، من طريق يزيد الرَّقاشي ، عن أنس مرفوعا : " الرؤيا لأول عابر " {[15185]}


[15182]:- في ت : "فضل".
[15183]:- في ت : "يعبر".
[15184]:- سبق تخريجه عند تفسير الآية : "5" من هذه السورة.
[15185]:-ورواه ابن ماجة في السنن برقم (3915) من طريق عبد الله بن نمير ، عن الأعمش ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس موقوفا ، وقال البوصيري في الزوائد (3/216) : "هذا إسناد فيه يزيد وهو ضعيف".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ خَمۡرٗاۖ وَأَمَّا ٱلۡأٓخَرُ فَيُصۡلَبُ فَتَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِن رَّأۡسِهِۦۚ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسۡتَفۡتِيَانِ} (41)

ثم نادى { يا صاحبي السجن } ثانية لتجتمع أنفسهما لسماع الجواب ، فروي أنه قال لنبو : أما أنت فتعود إلى مرتبتك وسقاية ربك ، وقال لمجلث : أما أنت فتصلب ، وذلك كله بعد ثلاث ، فروي أنهما قالا له ما رأينا شيئاً وإنما تحالمنا لنجربك ؛ وروي أنه لم يقل ذلك إلا الذي حدثه بالصلب ؛ وقيل : كانا رأيا ثم أنكرا .

وقرأت فرقة : «يَسقي ربه » من سقى ، وقرأت فرقة من أسقى ، وهما لمعنى واحد{[6688]} لغتان وقرأ عكرمة والجحدري : «فيُسقَى ربه خمراً » بضم الياء وفتح القاف أي ما يرويه{[6689]} .

وأخبرهما يوسف عليه السلام عن غيب علمه من قبل الله تعالى : إن الأمر قد قضي ووافق القدر .


[6688]:وقد جمع بينهما لبيد في قوله: سقى قومي بني مجد وأسقى نميرا والقبائل من هلال. وفاعل (سقى) ضمير المطر، (ومجد) هي ابنة تيم بن غالب بن فهد، وهي أم كلاب وكليب بني ربيعة.
[6689]:قال ابن جني عن هذه القراءة: "هذا في الخير يضاهي في الشر قوله: (فيصلب)، لأن تلك نعمة وهي نقمة. (المحتسب)".