بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ خَمۡرٗاۖ وَأَمَّا ٱلۡأٓخَرُ فَيُصۡلَبُ فَتَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِن رَّأۡسِهِۦۚ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسۡتَفۡتِيَانِ} (41)

ثم أخبرهما بتأويل الرؤيا ، بعد ما نصحهما ودعاهما إلى الإسلام ، وأخذ عليهما الحجة ، فقال : { يا صاحبى السجن أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِى رَبَّهُ خَمْرًا } وهو الساقي . قال له يوسف : تكون في السجن ثلاثة أيام ، ثم تخرج ، فتكون على عملك ، وتسقي سيدك خمراً . قراءة العامة { فَيَسْقِى } بنصب الياء . يقال : سَقَيْتُهُ إذا ناولته . وقرأ بعضهم { فَيَسْقِى } من أسقيته إذا جعلت له ساقياً . يعني : تتخذ الشراب الذي يسقي الملك .

ثم بيّن تأويل رؤيا الآخر فقال : { وَأَمَّا الآخر } وهو الخباز { فَيُصْلَبُ } يعني : يخرج من السجن بعد ثلاثة أيام ويصلب { فَتَأْكُلُ الطير مِن رَّأْسِهِ } . فلما أخبرهما يوسف بتأويل الرؤيا ، قالا : ما رأينا شيئاً فقال لهما يوسف عليه السلام : { قُضِىَ الأمر الذى فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } يعني : تسألان . رأيتماها أو لم ترياها ، قلتما لي ، وقلت لكما ، فكذلك يكون . وروى إبراهيم النخعي عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال : إنهما كانا تحالما ليجرّباه . فلما أوَّلَ رؤياهما ، قالا : إنما كنا نلعب ، قال يوسف : { قُضِىَ الأمر الذى فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } .