فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ خَمۡرٗاۖ وَأَمَّا ٱلۡأٓخَرُ فَيُصۡلَبُ فَتَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِن رَّأۡسِهِۦۚ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسۡتَفۡتِيَانِ} (41)

{ يا صاحبي السجن أما أحدكما } أي الساقي وإنما أبهمه لكونه مفهوما أو لكراهة التصريح للخباز بأنه الذي سيصلب { فيسقي ربه } أي ماله { خمرا } وهي عهدته التي كان قائما بها في خدمة الملك فكأنه قال أما أنت أيها الساقي فستعود بعد ثلاث من الأيام إلى ما كنت عليه ويدعوك الملك ويطلقك من الحبس .

{ وأما الآخر } وهو الخباز فيخرج بعد ثلاث { فيصلب فتأكل الطير من رأسه } تعبيرا لما رآه من أنه حمل فوق رأسه خبزا فتأكل الطير منه { قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } وهو ما رأياه وقصاه عليه يقال استفتاه إذا طلب منه بيان حكم شيء سأله عنه مما أشكل عليه وهما قد سألاه تعبير ما أشكل عليهما الرؤيا والمراد بالأمر ما يؤول إليه أمرهما ولذلك وحده قاله البيضاوي .

وقال الزمخشري : المراد بالأمر ما اتهما به من سم الملك وما سجنا من أجله عن ابن مسعود قال : ما رأى صاحبا يوسف شيئا إنما تحالما ليجربا علمه فلما أول رؤياهما قالا إنما كنا نلعب ولم نر شيئا فقال قضي الأمر ، الآية يعني وقعت العبارة فصار الأمر على ما عبر يوسف وقال قوم بل كانا قد رأيا رؤيا حقيقة وعن أبي مجلز قال : كان أحد اللذين قص على يوسف الرؤيا كاذبا وكان هذا التعبير بالوحي كما ينبئ عنه قوله قضي الأمر وقيل هو بالاجتهاد .