محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ خَمۡرٗاۖ وَأَمَّا ٱلۡأٓخَرُ فَيُصۡلَبُ فَتَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِن رَّأۡسِهِۦۚ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسۡتَفۡتِيَانِ} (41)

وبعد تحقيق الحق ، ودعوتهما إليه ، وبيانه لهما مرتبة علمه ، شرع في تفسير ما استفسراه . ولكونه بحثا مغايرا لما سبق ، فصله عنه بتكرير الخطاب فقال : { يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } .

{ يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا } أي يخرج من السجن ، ويعود إلى ما كان عليه من سقي سيده الخمر ، { وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه } أي فيقتل ويعلق على خشبة ، فتأكل الطير من لحم رأسه .

{ قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } أي قطع وتم ما تستفتيان فيه . يعني : مآله ، وهو نجاة أحدهما ، وهلاك الآخر . والتعبير عنه ب ( الأمر ) ، وعن طلب تأويله ب ( الاستفتاء ) تهويلا لأمره ، وتفخيما لشأنه ، إذ الاستفتاء إنما يكون في النوازل المشكلة الحكم ، المبهمة الجواب ، وإيثار صيغة الاستقبال ، مع سبق استفتائهما في ذلك ، لما أنهما بصدده ، إلى أن يقضي عليه السلام من الجواب وطره .