معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَـٰٓؤُلَآءِ شُفَعَـٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (18)

قوله تعالى : { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم } ، إن عصوه وتركوا عبادته ، { ولا ينفعهم } ، إن عبدوه ، يعني : الأصنام ، { ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله } أتخبرون الله ، { بما لا يعلم } ، الله صحته . ومعنى الآية : أتخبرون الله أن له شريكا ، أو عنده شفيعا بغير إذنه ، ولا يعلم الله لنفسه شريكا ؟‍‍ ! { في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون } ، قرأ حمزة والكسائي : تشركون بالتاء ، هاهنا وفى سورة النحل موضعين ، وفى سورة الروم ، وقرأ الآخرون كلها بالياء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَـٰٓؤُلَآءِ شُفَعَـٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (18)

1

ويستمر السياق يعرض ما فعلوه وما قالوه بعد استخلافهم في الأرض . غير هذا الهزل في طلب قرآن جديد .

ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ، ويقولون : هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، قل : أتنبؤن الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض ? سبحانه وتعالى عما يشركون .

والنفس حين تنحرف لا تقف عند حد من السخف . وهذه الأرباب المتعددة التي يعبدونها لا تملك لهم ضررا ولا نفعا ، ولكنهم يظنونها تشفع لهم عند الله :

ويقولون : هؤلاء شفعاؤنا عند الله . .

( قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض ? ) . .

فالله سبحانه لا يعلم أن هناك من يشفع عنده مما تزعمون ! فهل تعلمون أنتم ما لا يعلمه الله وتنبئونه بما لا يعلم له وجودا في السماوات ولا في الأرض ? !

إنه أسلوب ساخر يليق بهذا السخف الذي يلجون فيه . يعقبه التنزيه لله عما لا يليق بجلاله مما يدعون :

( سبحانه وتعالى عما يشركون ) .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَـٰٓؤُلَآءِ شُفَعَـٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (18)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هََؤُلآءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىَ عَمّا يُشْرِكُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ويعبد هؤلاء المشركون الذين وصفت لك يا محمد صفتهم من دون الله الذي لا يضرّهم شيئا ولا ينفعهم في الدنيا ولا في الاَخرة ، وذلك هو الاَلهة والأصنام التي كانوا يعبدونها . وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللّهِ يعني أنهم كانوا يعبدونها رجاء شفاعتها عند الله ، قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قُلْ لَهُمْ أتُنَبّئُونَ اللّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السّمَوَاتِ وَلا في الأرْضِ يقول : أتخبرون الله بما لا يكون في السماوات ولا في الأرض وذلك أن الاَلهة لا تشفع لهم عند الله في السماوات ولا في الأرض . وكان المشركون يزعمون أنها تشفع لهم عند الله ، فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لهم : أتخبرون الله أن ما لايشفع في السماوات ولا في الأرض يشفع لكم فيهما ، وذلك باطل لا تعلم حقيقته وصحته ، بل يعلم الله أن ذلك خلاف ما تقولون وأنها لا تشفع لأحد ولا تنفع ولا تضرّ . سُبْحانَهُ وَتَعَالى عَمّا يُشْرِكُونَ يقول : تنزيها لله وعلوّا عما يفعله هؤلاء المشركون من إشراكهم في عبادة ما لا يضرّ ولا ينفع وافترائهم عليه الكذب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَـٰٓؤُلَآءِ شُفَعَـٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (18)

{ ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم } فإنه جماد لا يقدر على نفع ولا ضر ، { ويقولون هؤلاء } الأوثان . { شفعاؤنا عند الله } تشفع لنا فيما يهمنا من أمور الدنيا أو في الآخرة إن يكن بعث ، وكأنهم كانوا شاكين فيه وهذا من فرط جهالتهم حيث تركوا عبادة الموجد الضار النافع إلى عبادة ما يعلم قطعا أنه لا يضر ولا ينفع على توهم أنه ربما يشفع لهم عنده . { قل أتنبّئون الله } أتخبرونه . { بما لا يعلم } وهو أن له شريكا أو هؤلاء شفعاء عنده وما لا يعلمه العالم بجميع المعلومات لا يكون له تحقق ما وفيه تقريع وتهكم بهم . { في السماوات ولا في الأرض } حال من العائد المحذوف مؤكدة للنفي منبهة على أن ما يعبدون من دون الله إما سماوي وإما أرضي ، ولا شيء من الموجودات فيهما إلا وهو حادث مقهور مثلهم لا يليق أن يشرك به . { سبحانه وتعالى عما يشركون } عن إشراكهم أو عن الشركاء الذين يشركونهم به . وقرأ حمزة والكسائي هنا وفي الموضعين في أول " النحل " و " الروم " بالتاء .