جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَـٰٓؤُلَآءِ شُفَعَـٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (18)

{ ويعبدون{[2143]} من دون ما لا يضرهم{[2144]} ولا ينفعهم } لأنه لا يقدر على ضر ولا نفع فإنه جماد ، { ويقولون هؤلاء } الأوثان { شفعاؤنا{[2145]} عند الله } في أمور دنيانا أو في الآخرة إن يكن بعث ، { قل أتنبئون الله } ، تخبرونه ، { بما لا يعلم } ، وهو أن له شريكا وأن هؤلاء شفعاء عنده وما لا يعلمه العلم بكل شيء لم يكن له ثبوت بوجه ، { في السماوات ولا في الأرض } ، حال من ضمير مقدر في يعلم يرجع إلى ما تأكد لنفيه إذ العرف جار{[2146]} بأن يقال عند تأكيد النفي ليس هذا في السماء ولا في الأرض ، { سبحانه وتعالى عما يشركون } ، ما مصدرية أو موصولة .


[2143]:و لما تكلموا بما يجل على جنونهم قال: "أفلا تعقلون"، ثم أثبت لهم ما هو صريح في جنوبهم وما هو إلا من نحو أفعال المجانين فقال: "ويعبدون من دون الله" الآية /وجيز.
[2144]:واعلم أن العبادة أعظم أنواع الشكر فهي لا تليق إلا بنت صدر عنه أعظم الإنعام وذلك ليس إلا الحياة والعقل والقدرة ومصالح المعاش والمعاد، فإذا كان المنافع والمضار كلها من الله سبحانه وتعالى وجب أن لا تليق العبادة إلا بالله سبحانه/كبير.
[2145]:قال الإمام الرازي: اختلفوا في أنهم كيف قالوا في الأصنام أنها شفعاؤنا عند الله وذكر فيه أقوالا إلى أن قال: ورابعها أنهم وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله ونظيره في هذا الزمان اشتغال كثير من الخلق بعظيم قبور الأكابر على اعتقاد أنهم إذا أعظموا قبورهم فإنهم يلونون شفعاء لهم عند الله انتهى ما في التفسير الكبير بلفظه، وقال الشوكاني في نيل الأوطار شرح منتقي الأخبار: اعتقاد الجهلة لها أي: للقبور كاعتقاد الكفار للأصنام، وأعظم من ذلك وظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر فجعلوها مقصد الطلب قضاء الحوائج وملجأ لإنجاح المطالب وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم وشدوا إليها الرحال وتمسحوا بها واستغاثوا وبالجملة إنهم لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه فإنا لله وإنا إليه راجعون.
[2146]:لاعتقاد العامة أن كل ما يوجد فهو إما في السماء وإما في الأرض/منه.