الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَـٰٓؤُلَآءِ شُفَعَـٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (18)

{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ } إن عصوه { وَلاَ يَنفَعُهُمْ } أن أطاعوه يعني الأصنام { وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ } تخبرون { اللَّهَ } قرأه العامة : بالتشديد ، وقرأ أبو الشمال العدوي : أتُنبئون بالتخفيف وهما لغتان . نبأ ينبئ بنية ، وأنبأني إنباءً بمعنى فاعل جمعها .

قوله تعالى :

{ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ } [ التحريم : 3 ] { بِمَا لاَ يَعْلَمُ } بما لا يعلم الله تعالى صحته وحقيقته ولا يكون { فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ } ومعنى الآية : أتخبرون الله أنّ له شريكاً أو عنده شفيعاً بغير إذنه ولا يعلم الله أنّ له شريكاً في السماوات { وَلاَ فِي الأَرْضِ } لأنه لا شريك له فلذلك لا يعلمه نظيره قوله عزّ وجلّ :

{ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ } [ الرعد : 33 ] .

ثم نزّه نفسه فقال : { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } قرأ يحيى بن ثابت والأعمش وأبو حمزة والكسائي وخلف : تشركون بالتاء هاهنا وفي سورة النحل والروم ، وهو اختيار أبي عبيد للمخاطبة التي قبلها ، وقرأ الباقون كلها بالياء ، واختارها أبو حاتم ، وقال : كذلك تعلمناها .