تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَـٰٓؤُلَآءِ شُفَعَـٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (18)

وقوله تعالى : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ ) يحتمل وجهين :

[ أحدهما ][ ساقطة من الأصل ] : ( ما لا يضرهم ) لو تركوا عبادته ( ولا ينفعهم ) إن عبدوه .

والثاني : ( ما لا يضرهم ) ما يملكون الضرر بهم ( ولا ينفعهم ) أي ولا يملكون جر النفع إليهم .

يسفههم في عبادتهم من لا يملك دفع الضر عنهم[ في الأصل : بهم مدرجة قبل دفع ] ، ولا يملك جر النفع [ إليهم ][ ساقطة من الأصل وم ] وتركهم عبادة من به يكون جميع منافعهم وغذائهم ، ومنه يكون كل خوف وضر ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ) يحتمل هذا القول منهم تقليدا[ من م ، في الأصل : تقليد ] لآبائهم كقولهم : ( وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها )[ الأعراف : 28 ] ظنوا أن آباءهم لما [ لم يتركوا ][ في الأصل وم : تركوا ] ما هم عليه لم يعذبوا ، وأنه على الحق ، وأن الله قد رضي بذلك ، أو قالوال ذلك لما [ لم ][ من م ، ساقطة من الأصل ] يروا أنفسهم أهلا لعبادة الله والقيام بخدمته ، وقد يكون مثل هذا في ملوك الأرض ؛ إذ كل أحد لا [ يرى ][ من م ، ساقطة من الأصل ] نفسه ، يصلح لخدمة الملك ، فيخدم من دونه المتصلين به ، وجاء أن يكون من خدمة شفيعا له عند الملك .

فعلى ذلك هؤلاء ظنوا[ في الأصل : طعموا ، في م : طمعوا ] أن عبادتهم هؤلاء تقربهم ( إلى الله زلفى )[ الزمر : 3 ] ويكونون[ في الأصل وم : ويكونوا ] ، لهم شفعاء ( عند الله ) عند الله والله أعلم .

وقوله تعالى : ( قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ ) [ فيه وجهان :

أحدهما ][ ساقطة من الأصل وم ] : يقول : ( قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ ) أي تعلمون أنه عالم ؛ أي أتعلمون أنه يعلم ما ذكر ، وأنتم لا تعلمون ذلك ، وقد تعلمون أنه لو كان كذلك لكان هو أعلم به منكم .

والثاني : أن تقولوا ما لا يعلم أنه ليس كما تقولون كقول الناس : ما شاء الله كان ، وما لا يشاء لا يكون ؛ أي وما يشاء ألا يكون لا يكون .

وقوله تعالى : ( سبحانه ) كلمة جعلت لإجلال الله عما لا يحتمله غيره[ الهاء ساقطة من الأصل وم ] من الأشكال والأضداد ومن العيوب والآفات ، وهو في هذا الموضع يتوجه إلى وجهين :

أحدهما : إذا كانوا يعبدون ما ذكر ( وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ) فيقول ( سبحانه ) أن يجعل لأمثال أولئك شفاعة عنده ؛ إذ الشفيع أنه يكون من له منزلة وقدر عند من يشفع له ، والمنزلة تكون للعبد بما يتبعه . [ أما ][ ساقطة من الأصل وم ] هم فيقومون بتوفير ما يحتمل وسعهم من العبادة . فأما من لا يحتمل التعبد فهو بعيد عما ذكر ( سبحانه ) أن يجعل الشفاعة لمن ذكر دون الأنبياء والرسل ، وهم قد أخبروا أنها لا تملك ضررا ولا نفعا ، وفي الشفاعة ذلك .

والثاني : أن يكون عما أشركوا في العبادة ، فسبحانه عن أن يكون معه معبود ، أو يأذن لأحد بعبادة غيره ، والله أعلم .