فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَـٰٓؤُلَآءِ شُفَعَـٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (18)

{ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ } الأوثان التي هي جماد لا تقدر على نفع ولا ضرّ . وقيل : إن عبدوها لن تنفعهم ، وإن تركوا عبادتها لم تضرّهم ، ومن حق المعبود أن يكون مثيباً على الطاعة معاقباً على المعصية . وكان أهل الطائف يعبدون اللات ، وأهل مكة العزّى ومناة وهبل وأسافاً ونائلة { و } كانوا { يَقُولُونَ هَؤُلاء شفعاؤنا عِندَ الله } وعن النضر بن الحرث : إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزّى { أَتُنَبّئُونَ الله بِمَا لاَ يَعْلَمُ } أتخبرونه بكونكم شفعاء عنده ، وهو إنباء بما ليس بالمعلوم لله ، وإذا لم يكن معلوماً له وهو العالم الذات المحيط بجميع المعلومات ، لم يكن شيئاً لأنّ الشيء ما يعلم [ به ] ويخبر عنه ، فكان خبراً ليس له مخبر عنه . فإن قلت : كيف أنبأوا الله بذلك ؟ قلت : هو تهكم بهم وبما ادعوه من المحال الذي هو شفاعة الأصنام ، وإعلام بأنّ الذي أنبؤا به باطل غير منطوٍ تحت الصحة ، فكأنهم يخبرونه بشيء لا يتعلق به علمه كما يخبر الرجل الرجل بما لا يعلمه . وقرئ : «أتنبئون » بالتخفيف . وقوله : { فِى السماوات وَلاَ فِى الأرض } تأكيد لنفيه ؛ لأنّ ما لم يوجد فيهما فهو منتف معدوم { تُشْرِكُونَ } قرئ بالتاء والياء وما موصولة أو مصدرية ، أي عن الشركاء الذين يشركونهم به أو عن إشراكهم .