ويجوز أن يكون { ويعبدون } حالاً من { الذين لا يرجون لقاءنا } أي قالوا{[37742]} ذلك عابدين { من دون الله } أي الملك الأعلى الذي له جميع{[37743]} صفات الكمال الذي ثبت عندهم أن هذا القرآن كلامه لعجزهم عن معارضة شيء منه وهو ينهاهم عن عبادة غيره وهم يعلمون قدرته على الضر والنفع .
ولما كان السياق للتهديد والتخويف ، قدم الضر لذلك وتنبيهاً لهم على أنهم مغمورون في نعمه التي لا قدرة لغيره على منع شيء منها ، فعليهم أن يقيدوها بالشكر فقال : { ما لا يضرهم } أي أصلاً من الأصنام وغيرها { ولا ينفعهم } في معارضة القرآن بتبديل أو غيره ولا في شيء من الأشياء ، ومن حق المعبود أن يكون مثيباً على الطاعة معاقباً على المعصية وإلا كانت عبادته عبثاً ، معرضين عما جاءهم من الآيات البينات من عند{[37744]} من{[37745]} يعلمون أنه يضرهم وينفعهم ولا يملك شيئاً من ذلك أحد سواه ، وقد أقام الأدلة على ذلك غير مرة ، وفي هذا غاية التبكيت لهم{[37746]} بمنابذة العقل مع ادعائهم رسوخ الأقدام فيه وتمكن المجال منه ؛ والعبادة : خضوع بالقلب في أعلى مراتب الخضوع ؛ ثم عجب منهم تعجيباً آخر فقال : { ويقولون } أي لم يكفهم قول ذلك مرة من الدهر حتى يجددوا قوله مستمرين عليه : { هؤلاء } أي الأصنام أو غيرهم { شفعاؤنا } أي ثابتة شفاعتهم لنا { عند الله } أي الملك الأعظم{[37747]} الذي لا يمكن الدنو {[37748]}من شيء{[37749]} من حضرته إلا بإذنه ، وقد مضى إبطال ما تضمنته هذه المقالة في قوله تعالى { ما من شفيع إلا من بعد إذنه } وفيه تخجيلهم في العجز عن تبديل القرآن أو الإتيان بشيء من مثله حيث لم تنفعهم في{[37750]} ذلك فصاحتهم ولا أغنت عنهم شيئاً بلاغتهم ، وأعوزهم في شأنه فصحاءهم ، وضل عنهم شفعاءهم ، فدل ذلك قطعاً على أنه ما من شفيع إلا{[37751]} بإذنه {[37752]}من بعد{[37753]} ، فكأنه قال : بماذا أجيبهم{[37754]} ؟ فقال : { قل } منكراً عليهم هذا العلم { أتنبئون } أي تخبرون إخباراً عظيماً { الله } وهو العالم بكل شيء المحيط بكل كمال { بما لا يعلم } أي لا يوجد له به علم في وقت من الأوقات { في السماوات } ولما كان الحال مقتضياً لغاية الإيضاح ، كرر النافي تصريحاً فقال : { ولا في الأرض } وفي ذلك من الاستخفاف بعقولهم مما{[37755]} لا يقدرون على الطعن فيه بوجه ما يخجل الجماد ، فإن ما {[37756]}لا يكون معلوماً لله{[37757]} لا يكون له وجود أصلاً ، فلا نفي أبلغ من هذا كما أنك إذا بالغت في نفي شيء عن نفسك تقول : هذا شيء ما علمه الله مني .
ولما بين تعالى هنا ما هم عليه من سخافة العقول وركاكة الآراء{[37758]} ، ختم ذلك بتنزيه{[37759]} نفسه بقوله : { سبحانه } أي تنزه عن كل شائبة نقص تنزهاً لا يحاط به { وتعالى } أي وفعل بما له من الإحاطة بأوصاف الكمال فعل المبالغ في التنزه{[37760]} { عما يشركون* } أي يوجدون الإشراك به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.