معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ وَعَلَىٰٓ أَبۡصَٰرِهِمۡ غِشَٰوَةٞۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (7)

قوله تعالى : { ختم الله } . أي طبع الله .

قوله تعالى : { على قلوبهم } . فلا تعي خيراً ولا تفهمه ، وحقيقة الختم الاستيثاق من الشيء كيلا يدخله ما خرج منه ولا يخرج عنه ما فيه ، ومنه الختم على الباب . قال أهل السنة : أي حكم على قلوبهم بالكفر ، لما سبق من علمه الأولى فيهم ، وقال المعتزلة : جعل على قلوبهم علامة تعرفهم الملائكة بها .

قوله تعالى : { وعلى سمعهم } . أي : على موضع سمعهم ، فلا يسمعون الحق ولا ينتفعون به ، وأراد على أسماعهم كما قال : على قلوبهم وإنما وحده لأنه مصدر ، والمصدر لا يثنى ولا يجمع .

قوله تعالى : { وعلى أبصارهم غشاوة } . هذا ابتداء كلام . غشاوة أي : غطاء ، فلا يرون الحق ، وقرأ أبو عمرو والكسائي أبصارهم بالإمالة وكذا كل ألف بعدها راء مجرورة في الأسماء كانت لام الفعل يميلانها ويميل حمزة منها ما يتكرر الراء كالقرار ونحوه . زاد الكسائي إمالة جبارين والجوار والجار ومأواكم ومن أنصاري ونسارع وبابه . وكذلك يميل هؤلاء كل ألف بمنزلة لام الفعل ، أو كان علماً للتأنيث ، إذا كان قبلها راء ، فعلم التأنيث مثل : الكبرى والأخرى . ولام الفعل : مثل ترى وافترى ، يكسرون الراء فيها .

قوله تعالى : { ولهم عذاب عظيم } . أي : في الآخرة ، وقيل : القتل والأسر في الدنيا والعذاب الدائم في العقبى . والعذاب كل ما يعني الإنسان ويشق عليه . قال الخليل : العذاب ما يمنع الإنسان عن مراده ، ومنه : الماء العذب ، لأنه يمنع العطش .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ وَعَلَىٰٓ أَبۡصَٰرِهِمۡ غِشَٰوَةٞۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (7)

1

( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم )ختم عليها فلا تصل إليها حقيقة من الهدى ولا صدى .

( وعلى أبصارهم غشاوة ) . . فلا نور يوصوص لها ولا هدى . ! وقد طبع الله على قلوبهم وعلى سمعهم وغشي على أبصارهم جزاء وفاقا على استهتارهم بالإنذار ، حتى تساوى لديهم الإنذار وعدم الإنذار .

إنها صورة صلدة ، مظلمة ، جامدة ، ترتسم من خلال الحركة الثابتة الجازمة . حركة الختم على القلوب والأسماع ، والتغشية على العيون والأبصار . .

( ولهم عذاب عظيم ) . . وهي النهاية الطبيعية للكفر العنيد ، الذي لا يستجيب للنذير ؛ والذي يستوي عنده الإنذار وعدم الإنذار ؛ كما علم الله من طبعهم المطموس العنيد .