قوله تعالى : { الله يستهزئ بهم } . أي جزاء استهزائهم سمي الجزاء باسمه لأنه في مقابلته كما قال الله تعالى : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) قال ابن عباس : هو أن يفتح لهم باب من الجنة فإذا انتهوا إليه سد عنهم ، وردوا إلى النار . وقيل هو أن يضرب للمؤمنين نور يمشون به على الصراط فإذا وصل المنافقون إليه حيل بينهم وبين المؤمنين كما قال الله تعالى : ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) وقال الله تعالى : ( فضرب بينهم بسور له باب ) الآية وقال الحسن معناه : الله يظهر المؤمنين على نفاقهم .
قوله تعالى : { ويمدهم } . يتركهم ويمهلهم . والمد والإمداد واحد ، وأصله الزيادة إلا أن المد أكثر ما يأتي في الشر والإمداد في الخير ، قال الله تعالى في المد ( ونمد له من العذاب مداً ) وقال في الإمداد ( وأمددناكم بأموال وبنين ) ( وأمددناهم بفاكهة ) .
قوله تعالى : { في طغيانهم } . أي في ضلالتهم ، وأصله مجاوزة الحد . ومنه ( طغى الماء ) .
وما يكاد القرآن يحكي فعلتهم هذه وقولتهم ، حتى يصب عليهم من التهديد ما يهد الرواسي :
( الله يستهزئ بهم ، ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) . .
وما أبأس من يستهزيء به جبار السماوات والأرض وما أشقاه ! ! وإن الخيال ليمتد إلى مشهد مفزع رعيب . وإلى مصير تقشعر من هوله القلوب .
وهو يقرأ : ( الله يستهزئ بهم ، ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) . . فيدعهم يخبطون على غير هدى في طريق لا يعرفون غايته ، واليد الجبارة تتلقفهم في نهايته ، كالفئران الهزيلة تتواثب في الفخ ، غافلة عن المقبض المكين . . وهذا هو الاستهزاء الرعيب ، لا كاستهزائهم الهزيل الصغير .
وهنا كذلك تبدو تلك الحقيقة التي أشرنا من قبل إليها . حقيقة تولي الله - سبحانه - للمعركة التي يراد بها المؤمنون . وما وراء هذا التولي من طمأنينة كاملة لأولياء الله ، ومصير رعيب بشع لأعداء الله الغافلين ، المتركين في عماهم يخبطون ، المخدوعين بمد الله لهم في طغيانهم ، وإمهالهم بعض الوقت في عدوانهم ، والمصير الرعيب ينتظرهم هنالك ، وهم غافلون يعمهون !
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.