قوله تعالى : { الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم } . قال علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم والنخعي وقتادة : هذا في الصلاة يصلي قائماً فإن لم يستطع فقاعداً فإن لم يستطع فعلى جنب .
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ، أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ، أنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، أخبرنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي ، أنا هناد ، أنا وكيع عن إبراهيم بن طهمان عن حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عمران بن حصين قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة المريض ، فقال : " صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً ، فإن لم تستطع فعلى جنب " . وقال سائر المفسرين : أراد به المداومة على الذكر في عموم الأحوال لأن الإنسان قلما يخلو من إحدى هذه الحالات الثلاث ، نظيره في سورة النساء ( فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم ) .
قوله تعالى : { ويتفكرون في خلق السماوات والأرض } . وما أبدع فيهما ليدلهم ذلك على قدرة الله ويعرفوا أن لها صانعاً قادراً مدبراً حكيماً ، قال ابن عنوان : الفكرة تذهب الغفلة ، وتحدث للقلب الخشية كما يحدث الماء للزرع النماء ، وما جليت القلوب بمثل الأحزان ، ولا استنارت بمثل الفكرة .
قوله تعالى : { ربنا } . أي ويقولون ربنا .
قوله تعالى : { ما خلقت هذا } . رده إلى الخلق فلذلك لم يقل هذه .
قوله تعالى : { باطلاً } . أي عبثاً وهزلاً بل خلقته لأمر عظيم ، وانتصب " باطلا " بنزع الخافض أي بالباطل .
ثم وصف أولي الألباب بأنهم { يذكرون الله } في جميع أحوالهم : { قياما وقعودا وعلى جنوبهم } وهذا يشمل جميع أنواع الذكر بالقول والقلب ، ويدخل في ذلك الصلاة قائما ، فإن لم يستطع فقاعدا ، فإن لم يستطع فعلى جنب ، وأنهم { يتفكرون في خلق السماوات والأرض } أي : ليستدلوا بها على المقصود منها ، ودل هذا على أن التفكر عبادة من صفات أولياء الله العارفين ، فإذا تفكروا بها ، عرفوا أن الله لم يخلقها عبثا ، فيقولون : { ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك } عن كل ما لا يليق بجلالك ، بل خلقتها بالحق وللحق ، مشتملة على الحق .
{ فقنا عذاب النار } بأن تعصمنا من السيئات ، وتوفقنا للأعمال الصالحات ، لننال بذلك النجاة من النار .
{ يذكرون الله } إمّا من الذِّكر اللساني وإمّا من الذُّكر القلبي وهو التفكّر ، وأراد بقوله : { قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم } عموم الأحوال كقولهم : ضَربه الظهرَ والبطْن ، وقولهم : اشتهر كذا عند أهل الشرق والغرب ، على أنّ هذه الأحوال هي متعارَف أحوال البشر في السلامة ، أي أحوال الشغل والراحة وقصد النوم . وقيل : أراد أحوال المصلّين : من قادر ، وعاجز ، وشديد العجز . وسياق الآية بعيد عن هذا المعنى .
وقوله : { ويتفكرون في خلق السموات والأرض } عطف مرادف إن كان المراد بالذكر فيما سبق التفكّر ، وإعادتُه لأجل اختلاف المتفكَّر فيه ، أو هو عطف مغاير إذا كان المراد من قوله : { يذكرون } ذِكر اللسان . والتفكّر عبادة عظيمة . روى ابن القاسم عن مالك رحمه الله في جامع العتبية قال : قيل لأمّ الدرداء : ما كان شأن أبي الدرداء ؟ قالت : كان أكثر شأنه التفكّر ، قيل له : أترى التفكّر عَمَلاً من الأعمال ؟ قال : نعم ، هو اليقين .
{ والخلق } بمعنى كيفية أثر الخلق ، أو المخلوقات التي في السماء والأرض ، فالإضافة إمّا على معنى اللام ، وإمّا على معنى ( في ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.