ثم وصفهم فقال : { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً } . قال علي وابن عباس والنخعي وقتادة : هذا في الصلاة يصلي قائماً ، فإن لم يستطع فقاعداً فإن لم يستطع فعلى جنبه ، يسر من الله وتخفيف .
وقال سائر المفسرين : أراد به ذكر الله تعالى ، ووصفهم بالمداومة عليه ، إذ الإنسان قلما يخلوا من معنى هذه الحالات الثلاثة ، نظيره قوله في سورة النساء .
عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أراد أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر الله " .
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ذكر الله تعالى علم الإيمان وبرء من النفاق وحصن من الشيطان وحرز من النيران " .
وقال الله تعالى لموسى ( عليه السلام ) : يا موسى اجعلني منك على بال ولا تنس ذكري على كل حال ، وليكن همّك ذكري فإنّ الطريق إليَّ .
{ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } إنّ لها صانعاً قادراً ومدبراً حكيماً .
روى حماد عن علي بن زيد عن أبي الصلت عن أبي هريرة : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أُسري به إلى السماء السابعة فإذا ريح ودخان وأصوات قال : فقلت : ما هذا يا جبرئيل ؟ قال : هذه الشياطين يحرقون على أعين بني آدم أن لا يتفكروا في ملكوت السماوات والأرض ، ولولا ذلك لرأوا العجائب " .
وكان ابن عور يقول : الفكرة تذهب الغفلة وتحدث للقلب الخشية ، كما يحدث الماء الزرع والنبات ، وما جليت القلوب بمثل الأحزان ، ولا استنارت بمثل الفكرة . وحُكِي أن سفيان الثوري صلى خلف المقام ركعتين ثم رفع رأسه إلى السماء فلما رأى الكواكب غُشي عليه . وكان سفيان يبول الدم من طول حزنه وفكره .
زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينما رجل مستلقي على فراشه إذ رفع رأسه فنظر إلى النجوم وإلى السماء فقال : أشهد أن لي ربّاً وخالقاً اللهم اغفر لي فنظر الله إليه فغفر له " .
وقال أبو الأحوص : بلغني أن عابداً يعبد في بني إسرائيل ثلاثين سنة وكان الرجل منهم إذا تعبّد ثلاثين سنة أظلته غمامة ولم ير شيئاً ، فشكى ذلك إلى والده . فقال له : يا بُني فكّر هل أذنبت ذنباً منذ أخذت في عبادتك ؟ قال : لا ، ولا أعلمني هممت به منذ ثلاثين سنة . قال : يا بني بقيت واحدة إن نجوت منها رجوت أن يظلك ؟ قال : وما هي ؟ قال : هل رفعت طرفك إلى السماء ثم رددته بغير فكرة ؟ قال : كثير . قال : من هاهنا أتيت . { مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً } ذهب به إلى لفظ الخلق ولو ردّه إلى السماوات والأرض ، لقال : هذه باطلا عبثاً هزلا ، بل خلقته لأمر عظيم .
وانتصاب ( الباطل ) من وجهين : أحدهما : بنزع الخافض ، أي للباطل وبالباطل . والآخر : على المفعول الثاني .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.