الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا سُبۡحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ} (191)

( الذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً ) الآية [ 191 ] .

المعنى : قياماً في صلاتهم ، وقعوداً في تشهدهم وغيره ، وعلى جنوبهم مضطجعين .

وقال ابن جريج : هو ذكر الله تعالى في الصلاة وغيرها وقراءة القرآن( {[11429]} ) . قال ابن مسعود رضي الله عنه في معنى الآية : من لم يستطع أن يصلي قائماً فليصل جالساً ، أو مضطجعاً( {[11430]} ) .

وقيل : المعنى( {[11431]} ) : أنهم كانوا يذكرون الله على كل حال .

وفي حكاية ابن عباس رضي الله عنه : إذ( {[11432]} ) بات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاستوى عليه السلام قاعداً –يريد من نومه- ثم رفع رأسه إلى السماء فقال : " سبحان الملك القدوس " ثلاث مرات ، ثم قرأ ( اِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) حتى ختم السورة( {[11433]} ) .

قوله : ( رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ ) أي : يقولون ربنا ما خلقت هذا من أجل الباطل أي عبثاً ، ( وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ ) أي : في عظمة الله ( سُبْحَانَكَ ) أي : تنزيهاً لك من السوء أن تكون خلقت هذا باطلاً ، والتفكر في عظمة الله عز وجل من أعظم العبادة .

وقال أبو الدرداء( {[11434]} ) رضي الله عنه : تفكر ساعة خير من قيام ليلة .

وقيل لأم الدرداء( {[11435]} ) : ما كان أفضل عمل أبي الدرداء ؟ قالت : التفكر( {[11436]} ) . وقال كعب : من أراد أن يبلغ شرف الآخرة فليكثر التفكر يكن عالماً .


[11429]:- انظر: جامع البيان 4/290.
[11430]:- انظر: الدر المنثور 2/408.
[11431]:- انظر: هذا التوجيه في معاني الزجاج 1/498.
[11432]:- (أ) (ج): إذا.
[11433]:- أخرجه البخاري في كتاب التفسير 5/175.
[11434]:- هو أبو الدرداء عويمر بن مالك بن قيس الأنصاري الخزرجي توفي 32 هـ صحابي من الحكماء، والفرسان والقضاة والقراء. انظر: صفة الصفوة 1/618 وأسد الغابة 4/18 والإصابة 3/76.
[11435]:- هي أم الدرداء الصغرى هجيمة بنت حي الوصابيةالحميرية توفيت 81 هـ تابعية كانت فقيهة ومحدثة كبيرة القدر. انظر: أسد الغابة 6/275 والتهذيب 12/465.
[11436]:- انظر: الدر المنثور 2/409.