معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّٖ قَٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّيُّونَ كَثِيرٞ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسۡتَكَانُواْۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (146)

قوله تعالى : { و كأين من نبي قاتل معه ربيون كثير } . قرأ ابن كثير وكائن بالمد والهمزة على وزن كاعن ، وبتليين الهمزة أبو جعفر ، وقرأ الآخرون " و كأين " بالهمزة والتشديد على وزن كعين ، ومعناه : وكم ، وهي كاف التشبيه ضمت إلى أي الاستفهامية ، ولم يقع للتنوين صورة في الخط إلا في هذا الحرف خاصة ، ويقف بعض القراء على وكأين بلا نون ، والأكثرون على الوقوف بالنون ، قوله قاتل : قرأ ابن كثير ، و نافع ، وأهل البصرة ، بضم القاف ، وقرأ الآخرون ( قاتل ) فمن قرأ ( قاتل ) فلقوله : فما وهنوا . ويستحيل وصفهم بأنهم لم يهنوا بعدما قتلوا ، لقول سعيد بن جبير :ما سمعنا أن نبياً قتل في القتال ، ولأن قاتل أعم . قال أبو عبيد : إن الله تعالى إذا حمد من قاتل كان من قتل داخلاً فيه ، وإذا حمد من قتل لم يدخل فيه غيرهم ، فكان قاتل أعم . ومن قرأ قتل فله ثلاثة أوجه : أحدهما أن يكون القتل راجعاً إلى النبي وحده ، فيكون تمام الكلام عند قوله قتل ، ويكون في الآية إضمار معناه ومعه ربيون كثير ، كما يقال : قتل فلان معه جيش كثير ، أي ومعه . والوجه الثاني : أن يكون القتل نال النبي ومن معه من الربيين ، ويكون المراد : بعض من معه ، تقول العرب قتلنا بني فلان ، وإنما قتلوا بعضهم ، ويكون قوله ( فما وهنوا ) راجعاً إلى الباقين . والوجه الثالث : أن يكون القتل للربيين لا غير . وقوله ( ربيون كثير ) قال ابن عباس ومجاهد وقتاده : جموع كثيرة ، وقال ابن مسعود : الربيون الألوف وقال الكلبي : الربية الواحدة عشرة آلاف ، وقال الضحاك : الربية الواحدة : ألف ، وقال الحسن : فقهاء علماء وقيل :هم الأتباع ، والربانيون والربيون ولاة الرعية وقيل : منسوب إلى الرب ، وهم الذين يعبدون الرب .

قوله تعالى : { فما وهنوا } . أي فما جبنوا .

قوله تعالى : { لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا } . عن الجهاد بما نالهم من ألم الجراح ، وقتل الأصحاب . قوله تعالى : { وما استكانوا } . قال مقاتل : وما استسلموا وما خضعوا لعدوهم ، وقال السدي : وما ذلوا ، وقال عطاء : وما تضرعوا ، وقال أبو العالية : وما جبنوا ولكن صبروا على أمر ربهم ، وطاعة نبيهم ، وجهاد عدوهم .

قوله تعالى : { والله يحب الصابرين } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّٖ قَٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّيُّونَ كَثِيرٞ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسۡتَكَانُواْۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (146)

{ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }

هذا تسلية للمؤمنين ، وحث على الاقتداء بهم ، والفعل كفعلهم ، وأن هذا أمر قد كان متقدما ، لم تزل سنة الله جارية بذلك ، فقال : { وكأين من نبي } أي : وكم من نبي { قاتل معه ربيون كثير } أي : جماعات كثيرون من أتباعهم ، الذين قد ربتهم الأنبياء بالإيمان والأعمال الصالحة ، فأصابهم قتل وجراح وغير ذلك .

{ فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا } أي : ما ضعفت قلوبهم ، ولا وهنت أبدانهم ، ولا استكانوا ، أي : ذلوا لعدوهم ، بل صبروا وثبتوا ، وشجعوا أنفسهم ، ولهذا قال : { والله يحب الصابرين }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّٖ قَٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّيُّونَ كَثِيرٞ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسۡتَكَانُواْۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (146)

ثم قال تعالى - مسليًا للمسلمين{[5800]} عما كان وقع في نفوسهم يوم أُحُد - : { وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ } قيل : معناه : كم من نبي قُتِل وقتل معه ربيون من أصحابه كثير . وهذا القول هو اختيار ابن جرير ، فإنه قال : وأما الذين قرؤوا : { قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ } فإنهم قالوا : إنما عنى بالقتل النبي وبعض من معه من الربيين دون جميعهم ، وإنما نفي الوهن والضعف عمن بقي من الربيين ممن لم يقتل .

قال : ومن قرأ { قَاتَلَ } فإنه اختار ذلك لأنه قال : لو قتلوا{[5801]} لم يكن لقوله : { فَمَا وَهَنُوا } وجه معروف ؛ لأنهم يستحيل أن يُوصَفوا بأنهم لم يهنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا .

ثم اختار قراءة من قرأ { قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ } ؛ لأن الله [ تعالى ] {[5802]} عاتب بهذه الآيات والتي{[5803]} قبلها من انهزم يوم أحد ، وتركوا القتال أو سمعوا الصائح يصيح : " إن{[5804]} محمدا قد قتل " . فعذلهم الله على فرارهم وترْكِهم القتال فقال لهم : { أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ } أيها المؤمنون ارتددتم عن دينكم وانقلبتم على أعقابكم ؟ .

وقيل : وكم من نبي قتل بين يديه من أصحابه ربيون كثير{[5805]} .

وكلام ابن إسحاق في السيرة يقتضي قولا آخر ، [ فإنه ]{[5806]} قال : أي وكأين من نبي أصابه القتل ، ومعه ربيون ، أي : جماعات فما وهنوا بعد نبيهم ، وما ضعفوا عن عدوهم ، وما استكانوا لما أصابهم في الجهاد عن الله وعن دينهم ، وذلك الصبر ، { وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ } .

فجعل قوله : { مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ } حالا وقد نصر هذا القول السهيلي وبالغ فيه ، وله اتجاه لقوله : { فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ } الآية ، وكذلك حكاه الأموي في مغازيه ، عن كتاب محمد بن إبراهيم ، ولم يقل {[5807]} غيره .

وقرأ بعضهم : { قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ } قال سفيان الثوري ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن ابن

مسعود { رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ } أي : ألوف .

وقال ابن عباس ، ومجاهد وسعيد بن جُبَير ، وعِكْرِمة ، والحسن ، وقتادة ، والسُّدِّي ، والرَّبِيع ، وعطاء الخراساني : الربيون : الجموع الكثيرة .

وقال عبد الرزاق ، عن مَعْمَر عن الحسن : { رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ } أي : علماء كثير ، وعنه أيضًا : علماء صبر أبرار أتقياء .

وحكى ابن جرير ، عن بعض نحاة البصرة : أن الربيين هم الذين يعبدون الرب ، عز وجل ، قال : ورد بعضهم عليه قال : لو كان كذلك لقيل رَبيون ، بفتح الراء .

وقال ابن زيد : " الربيون : الأتباع ، والرعية ، والربابيون :{[5808]} الولاة .

{ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا } قال قتادة والربيع بن أنس : { وَمَا ضَعُفُوا } بقتل نبيهم { وَمَا اسْتَكَانُوا } يقول : فما ارتدوا عن نصرتهم ولا عن دينهم ، أنْ قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله حتى لحقوا بالله .

وقال ابن عباس { وَمَا اسْتَكَانُوا } تَخَشَّعوا . وقال السُّدِّي وابن زيد : وما ذلوا لعدوهم .

وقال محمد بن إسحاق ، وقتادة والسدي : أي ما أصابهم ذلك حين قُتِل نبيهم . { وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ }


[5800]:في جـ، ر، أ، و: "للمؤمنين".
[5801]:في جـ: "لأنه لو قتلوا"، وفي ر: "فإنه قال لو قتلوا".
[5802]:زيادة من و.
[5803]:في و: "الذي".
[5804]:في ر: "بأن".
[5805]:في و: "وقيل: وكم من نبي قتل معه ربيون كثير".
[5806]:زيادة من جـ.
[5807]:في جـ، أ، و: "ولم يحك".
[5808]:في جـ، ر: "الربانيون".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّٖ قَٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّيُّونَ كَثِيرٞ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسۡتَكَانُواْۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (146)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَكَأَيّن مّن نّبِيّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبّيّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبّ الصّابِرِينَ }

اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأه بعضهم : { وكَأَيّنْ } بهمز الألف وتشديد الياء وقرأه آخرون : بمدّ الألف وتخفيف الياء . وهما قراءتان مشهورتان في قراءة المسلمين ، ولغتان معروفتان لا اختلاف في معناهما ، فبأيّ القراءتين قرأ ذلك قارىء فمصيب ، لاتفاق معنى ذلك وشهرتهما في كلام العرب . ومعناه : وكم من نبيّ .

القول في تأويل قوله تعالى : { قُتِل مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌ } .

اختلفت القراء في قراءة قوله : { قُتِل مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌ }¹ فقرأ ذلك جماعة من قراء الحجاز والبصرة : «قُتِل » بضم القاف ، وقرأه جماعة أخرى بفتح القاف وبالألف ، وهي قراءة جماعة من قراء الحجاز والكوفة . فأما من قرأ { قَاتَلَ } فإنه اختار ذلك لأنه قال : لو قتلوا لم يكن لقوله : { فمَا وهَنُوا } وجه معروف ، لأنه يستحيل أن يوصفوا بأنهم لم يهنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا . وأما الذين قرءوا ذلك : «قتل » ، فإنهم قالوا : إنما عنى بالقتل النبيّ وبعض من معه من الربيين دون جميعهم ، وإنما نفى الوهن والضعف عمن بقي من الربيين ممن لم يقتل .

وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب ، قراءة من قرأ بضمّ القاف : «قُتِل مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌ » لأن الله عزّ وجلّ إنما عاتبَ بهذه الاَية ، والاَيات التي قبلها من قوله : { أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنّة ولمّا يَعْلَمِ اللّهُ الّذِين جاهَدُوا مِنْكُمْ } الذين انهزموا يوم أُحد ، وتركوا القتال ، أو سمعوا الصائح يصيح : إن محمدا قد قتل ، فعذلهم الله عزّ وجلّ على فرارهم وتركهم القتال ، فقال : أفَئِنْ مات محمد أو قتل أيها المؤمنون ارتددتم عن دينكم ، وانقلبتم على أعقابكم ؟ ثم أخبرهم عما كان من فعل كثير من أتباع الأنبياء قبلهم وقال لهم : هلا فعلتم كما كان أهل الفضل والعلم من أتباع الأنبياء قبلكم يفعلونه إذا قتل نبيهم من المضيّ على منهاج نبيهم والقتال على دينه أعداء دين الله على نحو ما كانوا يقاتلون مع نبيهم ، ولم تهنوا ولم تضعفوا كما لم يضعف الذين كانوا قبلكم من أهل العلم والبصائر من أتباع الأنبياء إذا قتل نبيهم ، ولكنهم صبروا لأعدائهم حتى حكم الله بينهم وبينهم ! وبذلك من التأويل جاء تأويل المتأوّل .

وأما «الرّبّيّون » ، فإنهم مرفوعون بقوله : «معه » ، لا بقوله : «قتل » .

وإنما تأويل الكلام : وكائن من نبيّ قتل ومعه ربيون كثير ، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله . وفي الكلام إضمار واو ، لأنها واو تدلّ على معنى حال قتل النبيّ صلى الله عليه وسلم ، غير أنه اجتزأ بدلالة ما ذكر من الكلام عليها من ذكرها ، وذلك كقول القائل في الكلام : قتل الأمير معه جيش عظيم ، بمعنى : قتل ومعه جيش عظيم .

وأما الرّبّيّون ، فإن أهل العربية اختلفوا في معناه ، فقال بعض نحويي البصرة : هم الذين يعبدون الربّ واحدهم رِبّيّ . وقال بعض نحويي الكوفة : لو كانوا منسوبين إلى عبادة الربّ لكانوا «رَبّيون » بفتح الراء ، ولكنه العلماء والألوف ، والرّبّيّونَ عندنا : الجماعة الكثيرة ، واحدهم رِبّي ، وهم جماعة .

واختلف أهل التأويل في معناه ، فقال بعضهم مثل ما قلنا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن عبد الله : الربيون : الألوف .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن الثوري ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله ، مثله .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري وابن عيينة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، قال : حدثنا عمرو بن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله ، مثله .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا عوف عمن حدثه ، عن ابن عباس في قوله : { رِبّيُون كَثِيرٌ } قال : جموع كثيرة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { قاتَلَ مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌ } قال : جموع .

حدثني حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا شعبة ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله : «وكأيّنْ مِنْ نَبِيّ قُتِل مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌ » قال : الألوف .

وقال آخرون بما :

حدثني به سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : «وكأيّنْ مِنْ نَبِيّ قُتِل مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌ » قال : علماء كثير .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا عوف ، عن الحسن في قوله : «وكأيّنْ مِنْ نَبِيّ قُتِل مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌ » قال : فقهاء علماء .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية . عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : «وكأيّنْ مِنْ نَبيّ قُتِل مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌ » قال : الجموع الكثيرة . قال يعقوب : وكذلك قرأها إسماعيل : «قُتِل مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌ » .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : «وكأيّنْ مِنْ نَبِيّ قُتِل مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌ » يقول : جموع كثيرة .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الحسن في قوله : «قُتِل مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌ » قال : علماء كثيرة . وقال قتادة : جموع كثيرة .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة في قوله : { رِبّيُون كَثِيرٌ } قال : جموع كثيرة .

« حدثني عمرو بن عبد الحميد الاَملي ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عكرمة ، مثله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله عزّ وجلّ : «قُتِل مَعَهُ رِبّيّون كَثِيرٌ » قال : جموع كثيرة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثت عن عمار ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : «قُتِل مَعَهُ رِبّيّون كَثِيرٌ » يقول : جموع كثيرة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : «وكأيّنْ مِنْ نَبَيّ قُتِل مَعَهُ رِبّيّون كَثِيرٌ » يقول : جموع كثيرة قتل نبيهم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن جعفر بن حبان ، والمبارك عن الحسن في قوله : «وكأيّنْ مِنْ نَبِيّ قاتَل مَعَهُ رِبّيّون كَثِيرٌ » قال جعفر : علماء صبروا . وقال ابن المبارك : أتقياء صبروا .

حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : «قُتِل مَعَهُ رِبّيّون كَثِيرٌ » يعني الجموع الكثيرة قتل نبيهم .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : { قاتَلَ مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌ } يقول : جموع كثيرة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قوله : «وكأيّنْ مِنْ نَبِيّ قُتِل مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌ » قال : وكأين من بنيّ أصابه القتل ، ومعه جماعات .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : «وكأيّنْ مِنْ نَبِيّ قُتِل مَعَهُ رِبّيّون كَثِيرٌ » الربيون : الجموع الكثيرة .

وقال آخرون : الربيون : الإتباع . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : «وكأيّنْ مِنْ نَبِيّ قُتِلَ مَعَهُ رِبّيّونَ كَثِيرٌ » قال : الربيون : الأتباع ، والربانيون : الولاة ، والربّيون : الرعية . وبهذا عاتبهم الله حين انهزموا عنه ، حين صاح الشيطان إن محمدا قد قتل ، قال : كانت الهزيمة عند صياحه في سنينة صاح : أيها الناس إن محمدا رسول الله قد قتل ، فارجعوا إلى عشائركم يؤمنوكم .

القول في تأويل قوله : { فَمَا وَهَنُوا لِمَا أصَابَهُمْ في سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَما اسْتَكانُوا وَاللّهُ يُحِبّ الصّابِرِينَ } .

يعني بقوله تعالى ذكره : { فَمَا وَهَنُوا لِمَا أصَابَهُمْ في سَبِيلِ اللّهِ } : فما عجزوا لما نالهم من ألم الجراح الذي نالهم في سبيل الله ، ولا لقتل من قتل منهم عن حرب أعداء الله ، ولا نكلوا عن جهادهم . { وَما ضَعُفُوا } يقول : وما ضعفت قواهم لقتل نبيهم . { وَما اسْتَكانُوا } يعني : وما ذلوا فيتخشعوا لعدوّهم بالدخول في دينهم ، ومداهنتهم فيه ، خيفة منهم ، ولكن مضوا قدما على بصائرهم ومنهاج نبيهم ، صبرا على أمر الله وأمر نبيهم وطاعة الله ، واتباعا لتنزيله ووحيه . { وَاللّهُ يُحِبّ الصّابِرِينَ } يقول : والله يحبّ هؤلاء وأمثالهم من الصابرين لأمره وطاعته ، وطاعة رسوله ، في جهاد عدوّه ، لا من فشل ففرّ عن عدوّه ، ولا من انقلب على عقبيه فذلّ لعدوّه لأن قتل نبيه أو مات ، ولا من دخله وهن عن عدوّه وضعف لفقد نبيه .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { فَمَا وَهَنُوا لِمَا أصَابَهُمْ في سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَما اسْتَكانُوا } يقول : ما عجزوا ، وما تضعضعوا لقتل نبيهم ، { وما اسْتَكَانُوا } يقول : ما ارتدّوا عن نصرتهم ولا عن دينهم ، بل قاتلوا على ما قاتل عليه نبيّ الله حتى لحقوا بالله .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : { فَمَا وَهَنُوا لِمَا أصَابَهُمْ في سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُوا } يقول : ما عجزوا ، وما ضعفوا لقتل نبيهم ، { وَما اسْتَكانُوا } يقول : وما ارتدّوا عن نصرتهم ، قاتلوا على ما قاتل عليه نبيّ الله صلى الله عليه وسلم حتى لحقوا بالله .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : { فَمَا وَهَنُوا } : فما وهن الربيون لما أصابهم في سبيل الله ، من قتل النبيّ صلى الله عليه وسلم¹ { وَما ضَعُفُوا } يقول : ما ضعفوا في سبيل الله لقتل النبيّ¹ { وَما اسْتَكانُوا } يقول : ما ذلوا حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللّهُمّ لَيْسَ لَهُمْ أنْ يَعْلُونا » ، { وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وأنْتُمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { فَمَا وَهَنُوا } لفقد نبيهم ، { وَما ضَعُفُوا } عن عدوهم ، { وَما اسْتَكانُوا } لما أصابهم في الجهاد عن الله ، وعن دينهم ، وذلك الصبر { وَاللّهُ يُحِبّ الصّابِرين } .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : { وَما اسْتَكانُوا } قال : تخشعوا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : { وَما اسْتَكانُوا } قال : ما استكانوا لعدوّهم¹ { وَاللّهُ يُحِبّ الصّابِرِينَ } .