أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي  
{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّٖ قَٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّيُّونَ كَثِيرٞ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسۡتَكَانُواْۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (146)

{ وكأين } أصله أي دخلت الكاف عليها وصارت بمعنى كم والنون تنوين أثبت في الخط على غير قياس . وقرأ ابن كثير " وكائن " ككاعن ووجهه أنه قلب قلب الكلمة الواحدة كقولهم وعملي في لعمري ، فصار كأين ثم حذفت الياء الثانية للتخفيف ثم أبدلت الياء الأخرى ألفا كما أبدلت من طائي { من نبي } بيان له . { قاتل معه ربيون كثير } ربانيون علماء أتقياء ، أو عابدون لربهم . وقيل جماعات والربى منسوب إلى الربة وهي الجماعة للمبالغة . وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب { قتل } ، وإسناده إلى { ربيون } أو ضمير النبي و{ معه ربيون } حال منه ويؤيد الأول أنه قرئ بالتشديد وقرئ { ربيون } بالفتح على الأصل وبالضم وهو من تغييرات النسب كالكسر . { فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله } فما فتروا ولم ينكسر جدهم لما أصابهم من قتل النبي أو بعضهم . { وما ضعفوا } عن العدو أو في الدين . { وما استكانوا } وما خضعوا للعدو وأصله استكن من السكون لأن الخاضع يسكن لصاحبه ليفعل به ما يريده ، والألف من إشباع الفتحة أو استكون من الكون لأنه يطلب من نفسه أن يكون لمن يخضع له ، وهذا تعريف بما أصابهم عند الإرجاف بقتله عليه الصلاة والسلام { والله يحب الصابرين } فينصرهم ويعظم قدرهم .