السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّٖ قَٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّيُّونَ كَثِيرٞ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسۡتَكَانُواْۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (146)

وقوله تعالى :

{ وكأين } أصله أي : دخلت الكاف عليها فصارت مركبة من كاف التشبيه ومن أي : وحدث فيهما بعد التركيب معنى التكثير المفهوم من كم الخبرية ومثلها في التركيب وإفهام التكثير كذا في قولهم : عندي كذا كذا درهماً وأصله كاف التشبيه ، وذا الذي هو إسم إشارة فلما ركبا حدث فيهما معنى التكثير فكم الخبرية وكأين وكذا كلها بمعنى واحد ، والنون تنوين في المعنى أثبت في الخط على غير قياس . قال البغوي : لم يقع للتنوين صورة في الخط إلا في هذا الحرف خاصة وقرأ ابن كثير بألف بعد الكاف بعدها همزة مكسورة ، والباقون بهمزة بعد الكاف مفتوحة بعدها ياء مشدّدة ، ووقف أبو عمرو على الياء والباقون على النون وسهل حمزة الهمزة وحققها الباقون وقوله تعالى : { من نبيّ } تمييز لكأين لأنها مثل كم الخبرية وقوله تعالى : { قتل } قرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو بضم القاف وكسر التاء ولا ألف بين القاف والتاء والباقون بفتح القاف والتاء وألف بين القاف والتاء وقوله تعالى : { معه } خبر مبتدؤه { ربيون } وهم جمع ربي وهو العالم المتقي منسوب إلى الرب ، وإنما كسرت راؤه تغييراً في النسب وقيل : لا تغيير فيه وهو منسوب إلى الربة وهي الجماعة للمبالغة وقوله تعالى : { كثير } صفة لربيون وإن كان بلفظ الإفراد لأنّ معناه جمع { فما وهنوا } أي : ضعفوا { لما أصابهم في سبيل الله } من الجراح وقتل أنبيائهم وأصحابهم { وما ضعفوا } عن الجهاد { وما استكانوا } أي : خضعوا لعدوّهم كما فعلتم حين قيل : قتل نبيكم { والله يحب الصابرين } على الشدائد فيثيبهم ويعظم أجرهم .