بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّٖ قَٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّيُّونَ كَثِيرٞ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسۡتَكَانُواْۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (146)

ثم إن الله تعالى أخبرهم بما لَقِيَتِ الأنبياءُ والمؤمنون قبلهم فعزَّاهم ليصبروا فقال تعالى سبحانه : { وَكَأَيّن مّن نَّبِي قاتل معهّ } قرأ ابن كثير { وَكَأَيّن } بعد الألف والهمزة ، وقرأ الباقون بغير مد ، ومعناهما واحد . وقرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو : { وكأيِّن من نبي قُتِل } ، بضم القاف وكسر التاء . وقرأ الباقون : { قَاتَلَ } ، فمن قرأ { قاتل } فمعناه كم من نبيّ قاتل معه جموع كثيرة . ومن قرأ { قتل } معناه : وكم من نبي قتل { مَعَهُ } جماعة كثيرة . وقوله : { رِبّيُّونَ كثير } قال الكلبي : الربية الواحدة من عشرة آلاف . وقال الزجاج : هاهنا قراءتان { رُبِّيُّون } بضم الراء ، { ورِبِّيّون } بكسرها ، فأما بالضم فهي الجماعة الكثيرة عشرة آلاف ، وأما الرِّبّيُّون بالكسر العلماء الأتقياء الصبراء على ما يصيبهم في الله تعالى . ويقال : وكأين من نبي قتل يعني : كم من نبيّ قتل وكان معه ربيون كثير .

{ فَمَا وَهَنُواْ } بعد قَتْلِهِ عن القتال ، وما عجزوا بما نزل بهم من قتل أنبيائهم وأنفسهم { لِمَا أَصَابَهُمْ في سَبِيلِ الله وَمَا ضَعُفُواْ } لَعدُوِّهم ، ويقال : وما جبنوا .

ثم قال { وَمَا استكانوا } يقول : وما خضعوا لعدوهم ولكنهم صبروا { والله يُحِبُّ الصابرين } فكأنه يقول للمؤمنين : فهلا قاتلتم مع نبيكم صلى الله عليه وسلم وبعد قتله وإن قتل ، كما قاتلت القرون الماضية من قبلكم إذا أصيبت أنبياؤهم .