قوله تعالى{ يومئذ يصدر الناس } يرجع الناس عن موقف الحساب بعد العرض ، { أشتاتا } متفرقين : فآخذ ذات اليمين إلى الجنة ، وآخذ ذات الشمال إلى النار ، كقوله : { يومئذ يتفرقون }( الروم- 14 ) ، { يومئذ يصدعون }( الروم- 43 ) . { ليروا أعمالهم } قال ابن عباس : ليروا جزاء أعمالهم ، والمعنى : إنهم يرجعون عن الموقف فرقاً لينزلوا منازلهم من الجنة والنار .
ثم بين - سبحانه - بعد ذلك أحوال الناس فى هذا اليوم فقال : { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ الناس أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } .
والجملة الكريمة بدل من جملة " يومئذ تحدث أخبارها " ، وقوله { يَصْدُرُ } فعل مضارع من الصدَر - بفتح الدال - على الرجوع عن الشرب ، يقال : صدرَ الناس عن الوِرْد ، إذا انصرفوا عنه . و { أَشْتَاتاً } جمع شتيت ، أى : متفرق ، ومنه قولهم : شتت الله جمع الأعداء ، أى فرق أمرهم .
وقوله - تعالى - { لِّيُرَوْاْ } فعل مضارع مبنى للمجهول ، وماضيه المبنى للمعلوم " أراه " بمعنى أطلعه . أي : فى هذا اليوم الذى تتزلزل فيه الأرض زلزلة شديدة . يخرج الناس من قبورهم متجهين أشتاتا إلى موقف الحساب ، وكل واحد منهم مشغول بنفسه ، لكي يبصروا جزاء أعالهم ، التى عملوها فى دنياهم .
وجاء فعل " ليروا " مبنيا للمجهول ؛ لأن المقصود رؤيتهم لأعمالهم ، وليس المقصود تعيين من يريهم إياها .
وقوله : { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا } أي : يرجعون عن مواقف الحساب ، { أَشْتَاتًا } أي : أنواعًا وأصنافًا ، ما بين شقي وسعيد ، مأمور به إلى الجنة ، ومأمور به إلى النار .
قال ابن جريج : يتصدعون أشتاتًا فلا يجتمعون آخر ما عليهم .
وقال السُّدِّي : { أَشْتَاتًا } فرقا .
وقوله تعالى : { لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ } أي : ليعملوا ويجازوا بما عملوه في الدنيا ، من خير وشر . ولهذا قال : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }
وقوله تعالى : { يومئذ يصدر الناس أشتاتاً } بمعنى : يتصرفون موضع وردهم مختلفي الأحوال . وواحد الأشتات : شت ، فقال جمهور الناس : الورد هو الكون في الأرض بالموت والدفن ، والصدر : هو القيام للبعث ، و { أشتاتاً } : معناه : قوم مؤمنون وقوم كافرون ، وقوم عصاة مؤمنون ، والكل سائر إلى العرض ليرى عمله ، ويقف عليه ، وقال النقاش : الورد هو ورد المحشر ، والصدر { أشتاتاً } : هو صدر قوم إلى الجنة ، وقوم إلى النار
وقوله تعالى : { ليروا أعمالهم } إما أن يكون معناه جزاء أعمالهم يراه أهل الجنة من نعيم ، وأهل النار بالعذاب ، وإما أن يكون قوله تعالى : { ليروا أعمالهم } متعلقاً بقوله : { بأن ربك أوحى لها } ، ويكون قوله : { يومئذ يصدر الناس أشتاتاً } اعتراضاً بين أثناء الكلام ، وقرأ جمهور الناس : «ليُروا » ، بضم الياء على بناء الفاعل للمفعول ، وقرأ الحسن والأعرج وحماد بن سلمة والزهري وأبو حيوة : «ليَروا » بفتح الياء على بنائه للفاعل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.