مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{يَوۡمَئِذٖ يَصۡدُرُ ٱلنَّاسُ أَشۡتَاتٗا لِّيُرَوۡاْ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (6)

قوله تعالى : { يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم } الصدور ضد الورد فالوارد الجائي والصادر والمنصرف وأشتاتا متفرقين ، فيحتمل أن يردوا الأرض ، ثم يصدرون عنها الأرض إلى عرصة القيامة ، ويحتمل أن يردوا عرصة القيامة للمحاسبة ثم يصدرون عنها إلى موضع الثواب والعقاب ، فإن قوله : { أشتاتا } أقرب إلى الوجه الأول ولفظة الصدر أقرب إلى الوجه الثاني ، وقوله : { ليروا أعمالهم } أقرب إلى الوجه الأول لأن رؤية أعمالهم مكتوبة في الصحائف أقرب إلى الحقيقة من رؤية جزاء الأعمال ، وإن صح أيضا أن يحمل على رؤية جزاء الأعمال ، وقوله : { أشتاتا } فيه وجوه ( أحدها ) : أن بعضهم يذهب إلى الموقف راكبا مع الثياب الحسنة وبياض الوجه والمنادي ينادي بين يديه : هذا ولي الله ، وآخرون يذهب بهم سود الوجوه حفاة عراة مع السلاسل والأغلال والمنادي ينادي بين يديه هذا عدو الله ( وثانيها ) : { أشتاتا } أي كل فريق مع شكله اليهودي مع اليهودي والنصراني مع النصراني ( وثالثها ) : أشتاتا من أقطار الأرض من كل ناحية ، ثم إنه سبحانه ذكر المقصود وقال : { ليروا أعمالهم } قال بعضهم : ليروا صحائف أعمالهم ، لأن الكتابة يوضع بين يدي الرجل فيقول : هذا طلاقك وبيعك هل تراه والمرئي وهو الكتاب وقال آخرون : ليروا جزاء أعمالهم ، وهو الجنة أو النار ، وإنما أوقع اسم العمل على الجزاء لأنه الجزاء وفاق ، فكأنه نفس العمل بل المجاز في ذلك أدخل من الحقيقة ، وفي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم : { ليروا } بالفتح .