اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَوۡمَئِذٖ يَصۡدُرُ ٱلنَّاسُ أَشۡتَاتٗا لِّيُرَوۡاْ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (6)

قوله : { يَوْمَئِذٍ } إما بدل من «يَومئذٍ » قبله ، وإما منصوب ب «يَصْدرُ » ، وإما منصوب ب «اذكر » مقدراً . وقوله تعالى : { أَشْتَاتاً } : حال من الناس ، وهو جمع «شت » أي : متفرقين في الأمن والخوف ، والبياض والسواد ، والصدر ضد الورود عن موضع الحساب ، فريق إلى جهة اليمين إلى الجنة ، وفريق إلى جهة الشَّمال إلى النار ، لقوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } [ الروم : 14 ] { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [ الروم : 43 ] .

وعن ابن عباس - رضي الله عنه - : «أشْتَاتاً » متفرقين على قدر أعمالهم ، أهل الإيمان على حدة ، وأهل كل دين على حدة{[60651]} .

وقيل : هذا الصدر إنما هو عند النشور ، يصدرون أشتاتاً ، من القبور إلى موقف الحساب ليروا أعمالهم في كتبهم ، أو ليروا جزاء أعمالهم ، فإنهم وردوا القبور فدفنوا فيها ثم صدروا عنها ، وقوله تعالى : { أَشْتَاتاً } ، أي : يبعثون من أقطار الأرض ، فعلى هذا قوله تعالى : { لِّيُرَوْاْ } متعلق ب «يصدرُ » ، وعلى القول الأول فيه تقديم وتأخير ، أي : تحدث أخبارها بأن ربَّك أوحى لها ، ليروا أعمالهم ، واعترض قوله : { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ الناس أَشْتَاتاً } متفرقين عن موقف الحساب ، وعلى هذا تتعلق ب «أوحى » ، وقرأ العامة : ببنائه للمفعول ، وهو من رؤية البصر ، فتعدى بالهمزة إلى ثان ، وهو أعمالهم ، والتقدير : ليريهم الله أعمالهم .

وقرأ{[60652]} الحسن والأعرج : وقتادة ، وحماد بن سلمة ، ونصر بن عاصم ، وطلحة - ويروى عن نافع - بفتحها .

قال الزمخشري{[60653]} : وهي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنياً للفاعل .


[60651]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (20/102).
[60652]:ينظر: إعراب القراءات 2/516، والمحرر الوجيز 5/511، والبحر المحيط 8/498، والدر المصون 6/555.
[60653]:الكشاف 4/784.