معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

قوله تعالى : { قال } ، لهن ، { ما خطبكن } ، ما شأنكن وأمركن ، { إذ راودتن يوسف عن نفسه } ، خاطبهن والمراد امرأة العزيز ، وقيل : إن امرأة العزيز راودته عن نفسه وسائر النسوة أمرنه بطاعتها فلذلك خاطبهن . { قلن حاش لله } معاذ الله ، { ما علمنا عليه من سوء } ، خيانة . { قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق } ظهر وتبين . وقيل : إن النسوة أقبلن على امرأة العزيز فقررنها فأقرت ، وقيل : خافت أن يشهدن عليها فأقرت . { أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين } ، في قوله : هي راودتني عن نفسي .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

فأحضرهن الملك ، وقال : { مَا خَطْبُكُنَّ } أي : شأنكن { إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ } فهل رأيتن منه ما يريب ؟

فبرَّأنه و { قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ } أي : لا قليل ولا كثير ، فحينئذ زال السبب الذي تنبني عليه التهمة ، ولم يبق إلا ما عند امرأة العزيز ، ف { قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ } أي : تمحض وتبين ، بعد ما كنا ندخل معه من السوء والتهمة ، ما أوجب له السجن{[445]} { أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ } في أقواله وبراءته .


[445]:- كذا في ب وفي أ: لسجن يوسف.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

هذا ، وقوله - سبحانه - { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ } حكاية لما فعله الملك بعد أن بلغه الرسول بما طلبه يوسف منه .

وفى الكلام حذف يفهم من السياق ، والتقدير : وبعد أن رجع رسول الملك إليه وأخبره بما قاله يوسف ، استجاب الملك لما طلبه يوسف منه ، فأحضر النسوة وقال لهن : ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه .

والخطب : مصدر خطب يخطب ، ويطلق - غالبا - على الأمر المهم الذي يجعل الناس يتحدثون فيه كثيراً ، وجمعه خطوب .

والمعنى : بعد أن جمع الملك النسوة قال لهن : ما الأمر الهام الذي حملكن في الماضى على أن تراودن يوسف عن نفسه ؟ وهل وجدتن فيه ميلا إلى الاستجابة لكنَّ . . "

قال صاحب الظلال ما ملخصه : " والخطب الأمر الجلل .

. . فكأن الملك كان قد استقصى فعلم أمرهن قبل أن يواجههن ، وهو المعتاد في مثل هذه الأحوال ، ليكون الملك على بينة من الأمر وظروفه قبل الخوض فيه ، فهو يواجههن مقررا الاتهام ، ومشيرا إلى أمر لهن جلل . .

ون هذا نعلم شيئاً بما دار في حفل الاستقبال في بيت الوزير ، وما قالته النسوة ليوسف ، وما لمحن به وأشرن إليه ، من الإِغراء الذي بلغ حد المراودة .

ومن هذا نتخيل صورة لهذه الأوساط ونسائها حتى في ذلك العهد الموغل في التاريخ ، فالجاهلية هي الجاهلية دائماً ، وِأنه حيثما كان الترف ، وكانت القصور والحاشية ، كان التحلل والتميع والفجور الناعم الذي يرتدى ثياب الأرستقراطية " .

وأمام هذه المواجهة التي واجههن بها الملك ، لم يملكن الإِنكار ، بل قلن بلسان واحد : { حَاشَ للَّهِ } أى : معاذ الله .

{ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سواء } قط ، وإنما الذي علمناه منه هو الاستعصام عن كل سوء .

وهنا { قَالَتِ امرأت العزيز } ويبدو أنها كانت حاضرة ، معهم عند الملك .

{ الآن حَصْحَصَ الحق } أى : الآن ظهر الحق وانكشف انكشافا تاما بعد أن كان خافيا والفعل حصحص أصله حص ، كما قيل : كبكب في كب ، وهو مأخوذ من الحص بمعنى الاستئصال والإِزالة ، تقول : فلان حص شعره إذا استأصله وأزاله فظهر ما كان خافيا من تحته . . .

ثم أضافت إلى ذلك قولها { أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ } أى : أنا التي طلبت منه ما طلبت { وَإِنَّهُ لَمِنَ الصادقين } في قوله { هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي } وهكذا يشاء الله - تعالى - أن تثبت براءة يوسف على رءوس الأشهاد ، بتلك الطريقة التي يراها الملك ، وتنطق بها امرأة العزيز ، والنسوة اللائى قطعن أيديهن .

قال صاحب الكشاف : " ولا مزيد على شهادتهن له بالبراءة والنزاهة ، واعترافهن على أنفسهن بأنه لم يتعلق بشئ مما قذفته به لأنهن خصومة ، وإذا اعترف الخصم بأن صاحبه على الحق وهو على الباطل لم يبق لأحد مقال " - إذ الفضل ما شهدت به الأعداء - .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

35

ورجع الرسول فأخبر الملك وأحضر الملك النسوة يستجوبهن - والسياق يحذف هذا لنعلمه مما يليه - :

( قال : ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه ؟ ) . .

والخطب : الأمر الجلل والمصاب . فكأن الملك كان قد استقصى فعلم أمرهن قبل أن يواجههن ، وهو المعتاد في مثل هذه الأحوال ، ليكون الملك على بينة من الأمر وظروفه قبل الخوض فيه . فهو يواجههن مقررا الاتهام ، ومشيرا إلى أمر لهن جلل أو شأن لهن خطير :

( ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه ؟ ) .

ومن هذا نعلم شيئا مما دار في حفل الاستقبال في بيت الوزير ؛ ما قالته النسوة ليوسف وما لمحن به وأشرن إليه ، من الإغراء الذي يبلغ درجة المراودة . ومن هذا نتخيل صورة لهذه الأوساط ونسائها حتى في ذلك العهد الموغل في التاريخ . فالجاهلية دائما هي الجاهلية . إنه حيثما كان الترف ، وكانت القصور والحاشية ، كان التخلل والتميع والفجور الناعم الذي يرتدي ثياب الأرستقراطية !

وفي مثل هذه المواجهة بالاتهام في حضرة الملك ، يبدو أنه لم يكن هنالك مجال للإنكار :

( قلن : حاش لله ! ما علمنا عليه من سوء ) !

وهي الحقيقة التي يصعب إنكارها . ولو من مثل هؤلاء النسوة . فقد كان أمر يوسف إذن من النصاعة والوضوح بحيث لا يقوم فيه جدال .

وهنا تتقدم المرأة المحبة ليوسف ، التي يئست منه ، ولكنها لا تستطيع أن تخلص من تعلقها به . . تتقدم لتقول كل شيء في صراحة :

( قالت امرأة العزيز : الآن حصحص الحق . أنا راودته عن نفسه . وإنه لمن الصادقين ) . .

الآن حصحص الحق وظهر ظهورا واضحا لا يحتمل الخفاء :

( أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ) . .

وزادت ما يكشف عن أن قلبها لم يخل من إيثاره ورجاء تقديره والتفاته بعد كل هذا الأمد ؛ وما يشي كذلك بأن عقيدة يوسف قد أخذت طريقها إلى قلبها فآمن :

( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ، وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ) . .

وهذا الاعتراف وما بعده يصوره السياق هنا بألفاظ موحية ، تشي بما وراءها من انفعالات ومشاعر . كما يشي الستار الرقيق بما وراءه في ترفع وتجمل في التعبير :

( أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ) . .

شهادة كاملة بنظافته وبراءته وصدقه . لا تبالي المرأة ما وراءها مما يلم بها هي ويلحق بأردانها . . فهل هو الحق وحده الذي يدفعها لهذا الإقرار الصريح في حضرة الملك والملأ ؟

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ مَا خَطْبُكُنّ إِذْ رَاوَدتُنّ يُوسُفَ عَن نّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ للّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوَءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الاَنَ حَصْحَصَ الْحَقّ أَنَاْ رَاوَدْتّهُ عَن نّفْسِهِ وَإِنّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ } .

وفي هذا الكلام متروك قداستغني بدلالة ما ذكر عليه عنه ، وهو : فرجع الرسول إلى الملك من عند يوسف برسالته ، فدعا الملك النسوة اللاتي قطّعن أيديهن وامرأة العزيز ، فقال لهنّ : ما خَطْبُكُنّ إذْ رَاوَدْتُنّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ ؟ كالذي :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : فلما جاء الرسول الملك من عند يوسف بما أرسله إليه جميع النسوة وَقالَ ما خَطْبُكُنّ إذْ رَاوَدْتُنّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ .

ويعني بقوله : ما خَطْبُكُنّ ما كان أمركنّ ، وما كان شأنكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه ، فأجبنه : فَقُلْنَ حاشَ لِلّه مَا عَلِمْنا علَيْهِ مِنْ سُوءٍ ، قالَتِ امْرأةُ العَزِيزِ الاَنَ حَصْحَص الحَقّ تقول : الاَن تبين الحقّ وانكشف فظهر ، أنا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وإن يوسف لمن الصادقين في قوله هِيَ رَاوَدَتْني عَنْ نَفْسِي .

وبمثل ما قلنا في معنى : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ قال : تبين .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ تبين .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ الاَن تبين الحق .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ قال : تبين .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ قال : تبين .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السديّ ، مثله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : قالت راعيل امرأة إطفير العزيز : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ : أي الاَن برز الحقّ وتبين ، أنا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإنّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ فيما كان قال يوسف مما ادّعت عليه .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السديّ ، قال : قال الملك : ائتوني بهنّ ، فقال : ما خَطْبُكُنّ إذْ رَاوَدْتُنّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهَ مِنْ سُوءٍ . ولكن امرأة العزيز أخبرتنا أنا راودته عن نفسه ، ودخل معها البيت وحلّ سراويله ثم شدّه بعد ذلك ، فلا تدري ما بدا له . فقال امرأة العزيز : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ تبين .

وأصل حصحص : حَصّ ولكن قيل : حصحص ، كما قيل : فكُبْكِبُوا في «كُبوا » ، وقيل : «كفكف » في «كفّ » ، و«ذْرذَر » في «ذَرّ » . وأصل الحصّ : استئصال الشيء ، يقال منه : حَصّ شعره : إذا استأصله جزّا . وإنما أريد في هذا الموضع : حصحص الحقّ : ذهب الباطل والكذب ، فانقطع ، وتبين الحقّ فظهر .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

{ قال ما خطبكن } قال الملك لهن ما شأنكن والخطب أمر يحق أن يخاطب فيه صاحبه { إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله } تنزيه له وتعجب من قدرته على خلق عفيف مثله . { ما علمنا عليه من سوء } من ذنب . { قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق } ثبت واستقر من حصحص البعير إذا ألقى مباركه ليناخ قال :

فحصحص في صُمّ الصفا ثفناته *** وناء بسلمى نوأة ثم صمّما

أو ظهر من حص شعره إذا استأصله بحيث ظهرت بشرة رأسه . وقرئ على البناء للمفعول . { أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين } في قوله : { هي راودتني عن نفسي } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

المعنى : فجمع الملك النسوة وامرأة العزيز معهن ، وقال لهن : { ما خطبكن*** } الآية ، أي : أي شيء كانت قصتكن ؟ فهو استدعاء منه أن يعلمنه القصة فجاوب النساء بجواب جيد ، تظهر منه براءة أنفسهن جملة وأعطين يوسف بعض براءة ، وذلك أن الملك لما قرر لهن أنهن راودنه قلن - جواباً عن ذلك - { حاش لله } وقد يحتمل - على بعد - أن يكون قولهن { حاش لله } في جهة يوسف عليه السلام ، وقولهن : { ما علمنا عليه من سوء } ليس بإبراء تام ، وإنما كان الإبراء التام وصف القصة على وجهها حتى يتقرر الخطأ في إحدى الجهتين ، ولو قلن : ما علمن عليه إلا خيراً لكان أدخل في التبرية . وقد بوب البخاري على هذه الألفاظ على أنها تزكية ، وأدخل قول أسامة بن زيد في حديث الإفك : أهلك ولا نعلم إلا خيراً .

قال القاضي أبو محمد : وأما مالك رحمه الله فلا يقنع بهذا في تزكية الشاهد ، لأنه ليس بإثبات العدالة .

قال بعض المفسرين فلما سمعت زوجة العزيز مقالتهن وحيدتهن عن الوقوع في الخزي حضرتها نية وتحقيق{[6725]} ، فقالت : { الآن حصحص الحق } . و { حصحص } معناه : تبين بعد خفائه ، كذا قال الخليل وغيره{[6726]} وقيل : هو مأخوذ من الحصة ، أي بانت حصته من حصة الباطل . ثم أقرت على نفسها بالمراودة والتزمت الذنب وأبرأت يوسف البراءة التامة .


[6725]:خافت بعد إقرارهن ببراءة يوسف أن يشهدن عليها إن أنكرت فحضرتها نية الاعتراف، وكان ذلك لطفا من الله بيوسف.
[6726]:لأصله: حصص، فقيل: حصحص، كما قيل: كبكبوا في كببوا، وكفكفوا في كففوا، وأصل الحص استئصال الشيء: حص شعره إذا حلقه، قال أبو قيس بن الأسلت: قد حصت البيضة رأسي فما أطعم نوما غير تهجاع ويقال: سنة حصاء أي جرداء لا خير فيها، قال جرير: يأوي إليكم بلا من ولا جحد من ساقه السنة الحصاء والذيب وفي الحديث: (فأصابتهم سنة َحَّصت كل شيء)، أي: أتت على كل شيء.