الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

قوله : { ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه }[ 51 ] إنما خاطبهن لأنهن قلن ليوسف{[34574]} إذ رأينه : وما عليك أن تفعل ، فراودنه{[34575]} عن نفسه{[34576]} .

وقيل : إنه / خاطبهن من أجل أن امرأة العزيز فيهن ، فجعل الخطاب للجميع ، والمراد واحدة منهن . ودليل هذا جوابها وحدها ، إذ حكاه{[34577]} الله عز وجل{[34578]} ، عنها{[34579]} فقال : { قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق }[ 51 ] .

وقيل : إنما خاطبهن كلهن ، لأن يوسف{[34580]} لما قال : { فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن } ظن الملك أنهن كذبن{[34581]} وراودنه ، فسألهن عن ذلك ، فجاوبته امرأة العزيز ، وأقرت أنها هي الفاعلة .

وقيل : إنما جمعهن في الخطاب ، لأنهن قلن : { امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه } وأشعن{[34582]} ذلك فقلن لهن : هل علمتن ذنبه ؟

{ قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء }[ 51 ] فعند ذلك ، أقرت امرأة العزيز أنها هي راودته عن نفسه{[34583]} . فرجع الرسول ، فقال ذلك للملك{[34584]} فأحضر الملك النسوة . والكلام دل على الحذف .

ومعنى { حصحص الحق } : تبين وظهر وانكشف{[34585]} ، فقالت : { أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين }[ 51 ] في قوله : { هي راودتني عن نفسي } وذلك أنها اضطرت إلى أن تبلغ مراد الملك في صرف الإبهام عنه بالرؤيا التي شغلت قلبه ، فبرأت يوسف ليصح صدقه عند الملك ، ويعلم أن ما{[34586]} أفتى في الرؤيا حق ، فتعطفه{[34587]} عليه .

وحصحص{[34588]} مأخوذ من الحصة ، أي : بانت حصة{[34589]} الحق من حصة الباطل . وأصله ( حصحص ) ، ثم أبدل من الصاد الثانية حاء ، كما قال{[34590]} : { فكبكبوا }{[34591]} ، والأصل ( كذبوا ) وقيل : كبكب ، والأصل ( كبب ) وردرد والأصل ردد .


[34574]:ط: صم.
[34575]:ق: فراودته.
[34576]:انظر: الجامع 9/122.
[34577]:ط: حكا.
[34578]:ساقط من ق.
[34579]:ق: عنهما.
[34580]:ط : صم.
[34581]:ط: كدته. ق: كذبت وراودته.
[34582]:ط: ونتغر.
[34583]:انظر: الجامع 9/136. ط: المعنى فرجع.
[34584]:ط: مطموس.
[34585]:انظر هذا التفسير في: تفسير مجاهد 397، وغريب القرآن 218، ومعاني الزجاج 3/115.
[34586]:ق: إنما.
[34587]:ق: فيعطفه.
[34588]:ط: حصحص.
[34589]:ق: حصته.
[34590]:ط: قبل.
[34591]:الشعراء: 94. وانظر: هذا التوجيه بتمامه في جامع البيان 16/140.