معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُواْ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلَا يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلۡخِيَاطِۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (40)

قوله تعالى : { إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم } بالتاء ، خفف أبو عمرو ، وبالياء ، خفف حمزة والكسائي ، والباقون بالتاء والتشديد .

قوله تعالى : { لهم أبواب السماء } ، لأدعيتهم ولا لأعمالهم ، وقال ابن عباس : لأرواحهم ، لأنها خبيثة لا يصعد بها بل يهوى بها إلى سجين ، إنما تفتح أبواب السماء لأرواحهم المؤمنين وأدعيتهم وأعمالهم .

قوله تعالى : { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط } ، أي : حتى يدخل البعير في ثقب الإبرة ، والخياط والمخيط واحد هو الإبرة ، والمراد منه : أنهم لا يدخلون الجنة أبداً لأن الشيء إذا علق بما يستحيل كونه يدل ذلك على تأكيد المنع ، كما يقال : لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب ، أو يبيض القار ، يريد لا أفعله أبداً .

قوله تعالى : { وكذلك نجزي المجرمين } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُواْ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلَا يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلۡخِيَاطِۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (40)

{ 40 - 41 ْ } { إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ * لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ْ }

يخبر تعالى عن عقاب من كذب بآياته فلم يؤمن بها ، مع أنها آيات بينات ، واستكبر عنها فلم يَنْقَد لأحكامها ، بل كذب وتولى ، أنهم آيسون من كل خير ، فلا تفتح أبواب السماء لأرواحهم إذا ماتوا وصعدت تريد العروج إلى اللّه ، فتستأذن فلا يؤذن لها ، كما لم تصعد في الدنيا إلى الإيمان باللّه ومعرفته ومحبته كذلك لا تصعد بعد الموت ، فإن الجزاء من جنس العمل .

ومفهوم الآية أن أرواح المؤمنين المنقادين لأمر اللّه المصدقين بآياته ، تفتح لها أبواب السماء حتى تعرج إلى اللّه ، وتصل إلى حيث أراد اللّه من العالم العلوي ، وتبتهج بالقرب من ربها والحظوة برضوانه .

وقوله عن أهل النار { وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ ْ } وهو البعير المعروف { فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ْ } أي : حتى يدخل البعير الذي هو من أكبر الحيوانات جسما ، في خرق الإبرة ، الذي هو من أضيق الأشياء ، وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال ، أي : فكما أنه محال دخول الجمل في سم الخياط ، فكذلك المكذبون بآيات اللّه محال دخولهم الجنة ، قال تعالى : { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ْ } وقال هنا { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ْ } أي : الذين كثر إجرامهم واشتد طغيانهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُواْ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلَا يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلۡخِيَاطِۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (40)

ثم بين القرآن بعد ذلك لونا آخر من ألوان عذاب المكذبين فقال : { إِنَّ الذين . . .

هاتان الآيتان تصوران أكمل تصوير استحالة دخول المشركين الجنة بسبب تكذيبهم لآيات الله واستكبارهم عنها .

وقد فسر بعض العلماء قوله - تعالى - : { لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السمآء } بمعنى ، لا تقبل أعمالهم ولا ترفع إلى الله كما ترفع أعمال الصالحين . قال - تعالى - : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب والعمل الصالح يَرْفَعُهُ } وفسره بعضهم بمعنى أن أرواحهم لا تصعد إلى السماء بعد الموت ، لأنها قد أغلقت عليهم بسبب شركهم ، ولكنها تفتح لأرواح المؤمنين .

والمراد أن الكافرين عند موتهم وعند حسابهم يوم القيامة يكونون على غضب الله ولعنته بسبب ما ارتكبوه في الدنيا من شرك وظلم .

أما قوله - تعالى - : { وَلاَ يَدْخُلُونَ الجنة حتى يَلِجَ الجمل فِي سَمِّ الخياط } فمعناه : أن هؤلاء المشركين لا تفتح لأعمالهم ولا لأرواحهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يدخل ما هو مثل في الضخامة وهو الجمل الكبير ، فيما هو مثل في الضيق وهو ثقب الإبرة .

وفى قراءة { حتى يَلِجَ الجمل فِي سَمِّ الخياط } - بضم الجيم وتشديد الميم وفتحا - وهو الحبل الغليظ أى : لا يدخلون الجنة حتى يدخل الحبل الغليظ الذي تربط به السفن في ذلك الثقب الصغير للإبرة ، وهيهات أن يحصل هذا ، فكما أنه غير ممكن حصول ذلك فكذلك غير ممكن دخول المشركين الجنة .

قال الجمل في حاشيته : ولا يدخلون الجنى حتى يلج الجمل في سم الخياط . الولوج : الدخول بشدة ، ولذلك يقال هو الدخول في ضيق فهو أخص من مطلق الدخول . والجمل معروف وهو الذكر من الإبل ، وسم الخياط ، ثقب الإبرة ، وإنما خص الجمل بالذكر من بين سائر الحيوانات لأنه أكبرها ، وثقب الإبرة من أضيق المنافذ ، فكان ولوج الجمل مع عظم جسمه في ثقب الإبرة الضيق محالا فثبت أن الموقوف على المحال محال ، فوجب بهذا الاعتبار أن دخول الكفار الجنة ميئوس منه قطعا .

وقوله : { وكذلك نَجْزِي المجرمين } معناه : ومثل ذلك الجزاء الرهيب نجزى جنس المجرمين ، الذين صار الإجرام وصفا لازما لهم .