نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُواْ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلَا يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلۡخِيَاطِۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (40)

ولما جرت العادة بأن أهل الشدائد يتوقعون الخلاص{[32233]} ، أخبر أن هؤلاء ليسوا كذلك ، لأنهم أنجاس فليسوا أهلاً لمواطن الأقداس ، فقال مستأنفاً لجواب من كأنه قال : أما لهؤلاء خلاص ؟ وأظهر موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف : { إن الذين كذبوا بآياتنا } أي وهي المعروفة بالعظمة بالنسبة إلينا { واستكبروا عنها } أي وأوجدوا الكبر{[32234]} متجاوزين عن اتباعها { لا تفتح لهم } أي لصعود أعمالهم ولا دعائهم ولا أرواحهم ولا لنزول البركات عليهم { أبواب السماء } لأنها طاهرة عن الأرجاس الحسية والمعنوية فإذا صعدت{[32235]} أرواحهم الخبيثة بعد الموت مع ملائكة العذاب أغلقت الأبواب دونها ثم ألقيت من هناك إلى سجين { ولا يدخلون الجنة } أي التي هي أطهر المنازل وأشرفها { حتى } يكون ما لا يكون بأن { يلج } أي يدخل ويجوز{[32236]} { الجمل } على كبره { في سم } أي في خرق { الخياط } أي الإبرة{[32237]} اي حتى يكون ما لا يكون ، إذاً{[32238]} فهو تعليق على محال{[32239]} ، فإن الجمل مثل في عظم الجرم عند العرب ، وسم الإبرة مثل في ضيق المسلك ، يقال : أضيق من خرق الإبرة ، ومنه الماهر الخريت للدليل الذي يهتدي في المضايق المشبهة بأخراق الإبر ؛ وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن الجمل فقال : زوج الناقة - استجهالاً للسائل وإشارة إلى أن{[32240]} طلب معنى آخر غير هذا الظاهر تكلف .

ولما كان هذا للمكذبين المستكبرين أخبر أنه لمطلق القاطعين أيضاً فقال : { وكذلك } أي و{[32241]}مثل ذلك الجزاء بهذا العذاب وهو أن دخولهم الجنة محال عادة{[32242]} { نجزي المجرمين* } أي القاطعين لما أمر الله به أن يوصل وإن كانوا أذناباً مقلدين للمستكبرين المكذبين{[32243]} ؛


[32233]:- سقط من ظ.
[32234]:- من ظ، وفي الأصل: الكفر.
[32235]:- من ظ، وفي الأصل: اصعدت.
[32236]:- في ظ: يحيل-كذا.
[32237]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[32238]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[32239]:- زيد من ظ.
[32240]:- سقط من ظ.
[32241]:زيد من ظ.
[32242]:-زيد من ظ.
[32243]:-زيد من ظ.