إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُواْ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلَا يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلۡخِيَاطِۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (40)

{ إِنَّ الذين كَذَّبُوا بآياتنا } مع وضوحها { واستكبروا عَنْهَا } أي عن الإيمان بها والعملِ بمقتضاها { لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أبواب السماء } أي لا تُقبل أدعيتُهم ولا أعمالُهم أو لا تعْرُج إليها أرواحُهم كما هو شأنُ أدعيةِ المؤمنين وأعمالِهم وأرواحِهم والتاء في ( تُفتّح ) لتأنيث الأبواب على أن الفعلَ للآيات ، وبالياء على أنه لله تعالى { وَلاَ يَدْخُلُونَ الجنة حتى يَلِجَ الجمل في سَمّ الخياط } أي حتى يدخُلَ ما هو مثلُه في عِظَم الجِرْم فيما هو عَلمٌ في ضيق المسلَك وهو ثُقبةُ الإبرة ، وفي كون الجملِ مما ليس من شأنه الولوجُ في سمِّ{[263]} الإبرة مبالغةٌ في الاستبعاد . وقرئ الجُمّل كالقمّل والجُمَل كالنُغَر والجُمل كالقُفل والجَمَل كالنصَب والجَمْل كالحبل وهي الحبلُ الغليظ من القنب وقيل : حبلُ السفينة ، وسُمّ بالضم والكسر وقرئ في سَمّ المَخيط وهو الخِياط أي ما يُخاط به كالحِزام والمحزم { وكذلك } أي ومثلَ ذلك الجزاءِ الفظيع { نَجْزِي المجرمين } أي جنسَ المجرمين وهم داخلون في زُمرتهم دخولاً أولياً .


[263]:السمّ: كل ثقب ضيق كثقب الإبرة والأنف والأذن.