معاني القرآن للفراء - الفراء  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُواْ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلَا يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلۡخِيَاطِۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (40)

وقوله : { لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ }

ولا يَفتَّح وتُفَتَّح . وإنما يجوز التذكير والتأنيث في الجمع لأنه يقع عليه التأنيث فيجوز فيه الوجهان ؛ كما قال : { يوم تشهد عليهم ألسنتهم } و " يشهد " فمن ذكَّر قال : واحد الألسنة ذكر فأبنى على الواحد إذ كان الفعل يتوحد إذا تقدّم الأسماء المجموعة ، كما تقول ذهب القوم .

وربما آثرت القراء أحد الوجهين ، أو يأتي ذلك في الكتاب بوجه فيرى من لا يعلم أنه لا يجوز غيره وهو جائز . ومما آثروا من التأنيث قوله : { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } فآثروا التأنيث . ومما آثروا فيه التذكير قوله : { لن ينال الله لحومها ولا دِماؤها } والذي أتى في الكتاب بأحد الوجهين قوله : { فتِحت أبوابها } ولو أتى بالتذكير كان صوابا .

ومعنى قوله : { لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّماء } : لا تصعد أعمالهم . ويقال : إن أعمال الفجار لا تصعد ولكنها مكتوبة في صخرة تحت الأرض ، وهي التي قال الله تبارك وتعالى : { كلا إِن كِتاب الفجارِ لفي سجين } .

وقوله : { حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ } الجمل هو زوج الناقة . وقد ذكر عن ابن عباس الجُمَّل يعنى الحبال المجموعة . ويقال الخياط والمِخْيَط ويراد الإبرة . وفي قراءة عبدالله ( المِخْيَط ) ومثله يأتى على هذين المثالين يقال : إزار ومِئزر ، ولِحاف ومِلحف ، وقِناع ومِقنع ، وقِرام ومِقرم .